أكدت النقابة الوطنية للصحافة المغربية في تقريرها السنوي حول حرية الصحافة أن التقدم في حرية الصحافة والإعلام بالمغرب مرتبط أشد الارتباط بتحقيق الانتقال نحو الديمقراطية، معتبرة أن اعتقال مدير نشر جريدة "المساء" رشيد نيني "ووضعه تحت الحراسة النظرية، بموجب التهمة الموجهة إليه من نص القانون الجنائي في قضية تتعلق بالنشر، يطرح تساؤلا حقيقيا حول جدوى إصلاح قانون الصحافة والمطالبة بإلغاء العقوبات السالبة للحرية". وأوضحت النقابة، في هذا التقرير الذي قدمته، اليوم الإثنين بالرباط، في ندوة صحفية بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أنه "لا يمكن تصور حرية بدون نظام ديمقراطي يقر فصل السلطات ويخضع كل من يمارس الشأن العام للمحاسبة، ويرسي أسس الشفافية، عبر الحق في الولوج للمعلومات، ويتخلى عن الهيمنة الشديدة على وسائل الإعلام العمومية وعن التحكم في فضاء حرية الصحافة، عبر قوانين قمعية وقضاء غير مستقل". واعتبرت أن أكثر ما يهدد حرية الصحافة والتعددية في المغرب اليوم هو "أن تتمكن تحالفات مالية/سياسية من بسط هيمنتها على الصحافة والإعلام"، بدل التوجه، كما كان منتظرا، نحو الاستثمار في الإعلام لتطويره على مستوى موارده البشرية وعصرنة طرق التدبير وإنتاج الجودة"، مبرزة كذلك حدوث المزيد من انتهاك أخلاقيات مهنة الصحافة. كما سجل التقرير أن "الإعلام المغربي أبان عن هشاشته وضعفه في مواجهة التحديات الخارجية، على خلفية الحملة الإعلامية التضليلية الإسبانية التي استهدفت المغرب عقب أحداث اكديم ازيك". وأضاف أن الحركية الديمقراطية التي تعيشها البلاد وضعت في الواجهة قضية إصلاح هذا القطاع سواء على مستوى الهياكل والقوانين المنظمة له، أو الدور الذي يجب أن يضطلع به في مواكبة التحولات الراهنة، معتبرا أن الإعلام العمومي، خاصة السمعي البصري، "أبان عن قصور واضح في تقديم خدمة عمومية جيدة تعكس الأحداث والقضايا الكبرى للمجتمع ولم يخرج عن الطابع الرسمي المرتبط بالسلطة". ودعت النقابة، في سياق الإعداد للإصلاحات الدستورية والسياسية، لإعادة هيكلة الإعلام العمومي برمته، انطلاقا من القوانين المؤطرة له، وعلى رأسها ظهير الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري وقانون الاتصال السمعي البصري. واعتبر التقرير أيضا أن أحد أهم الإشكالات التي تعيق تطور حرية الصحافة والإعلام تتمثل في افتقاد الحكامة الرشيدة وعقلانية التسيير داخل المؤسسات، داعيا لاحترام الحقوق النقابية وإقرار "ديمقراطية للتحرير" عبر بلورة ميثاق للتحرير، ومدونة أخلاقيات وأنظمة مهنية متفق عليها بين الإدارة والصحفيين، واعتماد مجلس للتحرير. وأورد التقرير أن طرح مشروع قانون الصحافة والصحافيين للتشاور من أجل إصلاحه فتح الباب لتفاؤل الرأي العام، خاصة في ظرفية عبرت فيها السلطات العليا على إرادة احترام حرية الصحافة، وبدأ فيها التداول على إصلاحات دستورية سياسية. من جهة أخرى، أبرز التقرير أن الثورة التكنولوجية الحالية تطرح قضية المضمون الجيد الذي ينبغي ألا تهيمن فيه إنتاجات بلدان أخرى، على حساب الثقافات والإنتاجات الوطنية. كما استعرض التقرير نتائج دراسة أعدتها وزارة الاتصال حول "تنمية قطاع الصحافة المكتوبة بالمغرب" وقدمت يوم الخميس الماضي بالرباط، والتي خلصت إلى أن تأهيل تدبير الموارد البشرية سيساهم في إخراج الصحافة المكتوبة من الأزمة وتطويرها. وتضمن التقرير السنوي للنقابة أيضا تقييما على المستويين التدبيري والمهني لوضعية كل من الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، والقناة الثانية، ووكالة المغرب العربي للأنباء. وقدم تقرير النقابة أيضا حصيلة انتهاكات حرية الصحافة والإعلام، من خلال نماذج للقمع الذي تعرض له الصحفيون أثناء ممارسة مهنتهم، أو منعهم من الولوج إلى الجزائر أو إسبانيا من قبل سلطات البلدين، أو طرد وسائل إعلام وسحب بطاقات اعتماد صحفيين من قبل السلطات المغربية. من جانب آخر، جددت النقابة الوطنية للصحافة المغربية إدانتها للاعتداء الإجرامي الذي تعرض له مقهى "أركانة" في مراكش يوم الخميس الماضي وأعربت عن تضامنها مع ضحايا الاعتداء، مؤكدة أن هذا العمل الإرهابي لن يوقف مسيرة المغرب نحو الديمقراطية.