في جولة أخرى من التدافع القوي الذي يطبع الحياة السياسية الإسبانية بين الدولة المركزية والحكومات المحلية حول صلاحيات الحكم، تعتزم الحكومة المحلية لكطالونيا الدفع بعلاقاتها مع الخارج عبر "خطة العمل الخارجي" التي تتوخى إعطاء دفعة جديدة "للسياسة الخارجية الكطلانية"، كما جاء في نص الخطة. على أن القوانين الإسبانية واضحة في هذا الباب، وال"الجنراليتات" أو الحكومة المحلية لجهة كطالونيا لا يمكن أن تحدث "سلكا دبلوماسيا" بالمعنى المتعارف عليه، بل إن الخطة التي تمتد من 2010 إلى 2015، تتوخى تكوين مجموعة من الخبراء في مجال العلاقات الدولية، يعملون لصالح كطالونيا، والذين سيتم تعيينهم في أماكن استراتيجية من قبل الحكومة المحلية. وفي هذا الإطار، أعلنت نائبة مستشارة الشؤون الخارجية في الحكومة الكطلانية روسير كلابيل أن الهدف من الخطة هو التفطير في سبل العمل المستقبلي بمعية الخبراء، وكذا إحداث إطار قانوني لهذا العمل الدبلوماسي المستتر. أما فيما يخص مقرات التمثيليات الكطلانية، فلا يتوقع تدشين أي منها على المدى القصير، أما على المتوسط، فإن الخيارات الموضوعة على الطاولة تتناول كلا من المغرب (لم يتم الحسم بين الدارالبيضاء والرباط) والمكسيك وآسيا (الهند أو الصين)، لكن ما سيتم القيام به هو إعداد القانون الذي سيحدد مهامها. وعند الحديث عن الميزانية المرصودة للمشروع، أوضحت نائبة المستشارة أنها حددت في 2,2 مليون يورو سنة 2009 ومثلها سنة 2010، مذكرة أن حكومة جهة بلاد الباسك أو الأندلس تنفق أكثر من هذه الميزانية على مكاتبها في الخارج، وأن كيبك تنفق مقدار 40 ضعف لنفس الغرض. ويبدو أن كطلونيا قد اختارت الانعتاق عن سلطة قشتالة السياسية والعسكرية التي كبلتها تاريخيا، طريق الثورة الصامتة، والدفع بالتقدم التحريري بتجزيئه ليشمل شبكة من عدة نقاط، متفرقة في الجسم الإجتماعي، السياسي والإقتصادي، تراكم تغيرات جزئية وقطاعية، إلى غاية بلوغ نقطة التحول، فتنقلب تغيرا نوعيا كبيرا. وبغض النظر عن النقاش الأزلي في السياسة الإسبانية بخصوص صلاحيات الحكومات الجهوية والحكومة المركزية، فإن المغرب يلزم أن يستفيد من التطلعات الكطلانية، وميولاتها الاقتصادية البرغماتية، لإحداث فضاء آخر للتعاون المثمر والتواصل الثنائي.