أدلى سكان مستعمرة كاليدونيا الجديدة الأحد بأصواتهم في استفتاء ثالث وأخير للاستقلال عن غرنسا، يقاطعه الاستقلاليون لغياب ضمانات كافية لنزاهة الاقتراع. ويشكل هذا الاستفتاء مرحلة أخيرة لعملية إنهاء الاستعمار بدأت قبل ثلاثين عاما في هذه المستعمرة الفرنسية الاستراتيجية في المحيط الهادئ. وفي منتصف النهار بدت المشاركة ضعيفة في مراكز الاقتراع التي يبلغ عددها 307 وفتحت أبواب عند الساعة السابعة من الأحد (20:00 ت غ السبت) لهذا الاستفتاء الثالث بعد تصويتي 04 تشرين الأول/أكتوبر 2020 و04 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 اللذين رفض فيهما الناخبون الاستقلال بنسبة 56,7 بالمئة و53,3 بالمئة. وعند الساعة 12:00 بالتوقيت المحلي، بلغت نسبة الإقبال 27,5 بالمئة مقابل 41,81 بالمئة في 2018 و49,40 بالمئة في 2020، بينما دعت الأحزاب المطالبة بالاستقلال إلى مقاطعة الاقتراع بسبب رفض طلبها تأجيله. وترجح هذه المقاطعة كفة رفض الاستقلال. ودعي أكثر من 185 ألف ناخب إلى التصويت للمرة الثالثة والأخيرة ردا على سؤال "هل تريد أن تحصل كاليدونيا الجديدة على سيادتها الكاملة وتصبح مستقلة؟" ونشرت السلطات قوات أمنية كبيرة تتمثل بألفي دركي وشرطي وعسكري، سعيا إلى جعل عمليات التصويت "مطمئنة" في الأرخبيل. وفي مركز الاقتراع في كانديد-كوش الحي المختلط في وادي المستوطنين، اصطف الناخبون في أجواء من الحر الشديد. وقالت كاثي التي تعمل في مكتبة في نوميا لوكالة الأنباء الفرنسية إن "هذا الاستفتاء لا معنى له لأن نصف السكان قرروا عدم التصويت". وأضافت أن "ما يهمني هو المجتمع الذي سنبنيه بعد ذلك". وأعلن الاستقلاليون أنهم لن يذهبوا إلى مراكز الاقتراع لأنه لا يمكن تنظيم "حملة عادلة" في الأرخبيل الذي ضربه بقوة منذ أيلول/سبتمبر وباء كوفيد-19. ودعا إيفون كونا رئيس مجلس الأعيان التقليدي الذي ينظر في القضايا المتعلقة بعادات الكاناك وهويتهم، إلى "الهدوء"، وطلب من "المواطنين الكاناك والتقدميين في كاليدوني إحياء يوم وطني لحداد كاناك عبر الامتناع عن التوجه إلى مراكز الاقتراع". ثلاث عمليات استفتاء يشكل هذا الاستفتاء خطوة حاسمة في عملية بدأت في 1988 باتفاقات ماتينيون في باريس التي كرست المصالحة بين الكاناك السكان الأوائل لكاليدونيا الجديدة، والكالدوش أحفاد المستوطنين البيض بعد سنوات من التوتر وأعمال العنف. انخرط سكان كاليدونيا في هذه العملية منذ ثمانينيات القرن الماضي عندما شهدت أراضيهم التي استعمرتها فرنسا في القرن التاسع عشر، فترة اضطرابات بلغت ذروتها في عملية احتجاز رهائن وهجوم على كهف أوفيا في أيار/مايو 1988. وقد أدت إلى مقتل 19 من الناشطين الكاناك وستة عسكريين. وبعد أقل من شهرين على هذه المأساة، نجح الاستقلاليون والموالون لفرنسا في إبرام اتفاقات ماتينيون التي أعادت توزيع السلطات في كاليدونيا الجديدة. وبعد عشر سنوات، أطلق توقيع اتفاق نوميا عملية لإنهاء الاستعمار تستمر عشرين عاما. وينص هذا الاتفاق على تنظيم ثلاث عمليات استفتاء لمعرفة ما إذا كان السكان يريدون أن تحصل الجزيرة على "السيادة الكاملة والاستقلال". وكان ممثلو كاليدونيا قد قرروا مع الدولة في حزيران/يونيو في باريس، أنه بعد 12 كانون الأول/ديسمبر ستبدأ "فترة استقرار وتقارب" قبل "استفتاء مزمع" بحلول حزيران/يونيو 2023. وهذا "الاستفتاء المزمع" سيكون بشأن دستور دولة جديدة في حال صوت الناخبون الأحد بنعم على الاستقلال، أو إذا حدث العكس بمنح المنطقة وضعا جديدا. تملك كاليدونيا الجديدة منطقة اقتصادية حصرية تمتد على مساحة حوالي 1,5 مليون كيلومتر مربع. وتجعلها ثرواتها المعدنية وخصوصا النيكل والكوبالت واحدة من الدول المنتجة الأولى في العالم. إلى جانب هذه الثروات، تتمتع هذه المنطقة الفرنسية في ما وراء البحار بموقع جيوسياسي مهم نظرا للأهمية المتزايدة لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ في العلاقات الدولية مع صعود الصين. وكاليدونيا الجديدة مدرجة منذ 1986 على لائحة الأممالمتحدة للأراضي غير المستقلة التي تجب إزالة الاستعمار منها.