يسود هذه الأيام تخوف كبير في أوساط المسلمين في جميع أنحاء العالم من عدم التمكن من أداء فريضة الحج بعد أن دعت السعودية المسلمين إلى التأني قبل إبرام عقود مع وكالات تنطيم الحج حتى تتضح الرؤية أكثر بخصوص جائحة فيروس كورونا المستجد. وقال وزير الحج والعمرة السعودي محمد صالح بن طاهر بنتن في لقاء مع قناة “الإخبارية” الرسمية الثلاثاء “طلبنا من الإخوة المسلمين في جميع دول العالم التريث في عمل أي عقود حتى تنضح الرؤية”. وأضاف الوزير “إن المملكة قامت برد مبالغ رسوم التأشيرات لجميع من حصلوا على تأشيرات لأداء مناسك العمرة ولم يتمكنوا من القدوم إلى البلاد” بسبب تفشي فيروس كورونا. مكة استقبلت في 2019 نحو 2,5 مليون حاج في حال قررت السعودية فعلا إلغاء موسم الحج لعام 2020، فسيشكل ذلك سابقة في تاريخ المملكة التي تجني أرباحا طائلة من الحج خصوصا ومن السياحة الدينية عموما تقدر بمليارات الدولارات. واستقطب موسم الحج عام 2019 نحو 2,5 مليون شخص، وكانت السعودية تتوقع وصول 2,7 مليون شخص إلى أراضيها في 2020 لأداء فريضة الحج. لكن وباء كورونا كوفيد-19 قد يغير كل شيء. “لم يسبق إلغاء الحج إلا مرة واحدة في عهد عمر بن الخطاب” في اتصال هاتفي مع فرانس24، أكد الصحافي السعودي عبد العزيز بن رازن أنه لم يسبق للسعودية أن ألغت الحج. وقال: “أبدا لم يسبق للمملكة العربية السعودية أن ألغت الحج وذلك منذ ظهور الإسلام إلى يومنا هذا إلا في زمن عمر بن الخطاب حينما كان وباء الطاعون منتشرا في المنطقة. فقرر ثاني الخلفاء الراشدين إلغاء فريضة الحج”، مؤكدا أنه “لم يصدر أي قرار رسمي لغاية اليوم في شأن إلغاء فريضة الحج 2020 أم لا ولم تتضح الأمور بعد”. من ناحيته، شدد علي العنزي، رئيس قسم الإعلام في جامعة الملك سعود بالرياض في حوار مع فرانس24 أن “ما يهم العالم والسعودية هو احتواء فيروس كورونا قبل كل شيء. فالسعودية قد قامت بتعليق العمرة والدراسة وتعليق كل شيء وطلبت التريث من الدول الإسلامية حتى تتضح الرؤية وتتطور المواقف باتجاه هذه الجائحة”. تعليق الصلاة في ساحات الحرمين يواصل علي العنزي “أعتقد أن الدول الإسلامية ستتخذ هي أيضا إجراءات لحماية رعاياها من انتقال أو نقل هذه العدوى. وهذا ما تعمل عليه كل الدول حتى الدول غير الإسلامية”. وأردف “هذه الجائحة اجتاحت العالم ولذلك التعاون مطلوب. والمملكة دعت إلى التريث لأن هناك وقت كاف أمامنا قبل موسم الحج. ومن هذا المنطلق رأت أن تنبه وتدعو الدول الإسلامية للتريث حتى تتضح الرؤية والأيام القادمة ستخبرنا بما سيحدث”. وللحيلولة دون تفشي فيروس كورونا بشكل واسع، قررت السلطات السعودية تعليق الصلاة في ساحات الحرمين منذ 18 مارس/أذار. فيما استبقته بقرار آخر هو تعليق أداء فريضة العمرة في مطلع الشهر الماضي للمواطنين والمقيمين في المملكة ولكل المعتمرين الذين يأتون من مختلف أنحاء العالم. منع التجوال في مكة والمدينة اعتبارا من 2 أبريل تولت أيضا تنظيف وتعقيم الحرمين وإغلاق صحن الطواف حول الكعبة لمنع تفشي فيروس كورونا بين المصلين والطُّواف. ورغم قدوم شهر رمضان الذي تزداد فيه الطقوس الدينية في الدول العربية عامة وفي السعودية على وجه الخصوص، قررت وزارة الداخلية في المملكة حظر التجول في أرجاء مدينتي مكة والمدينة على مدى 24 ساعة يوميا اعتبارا من الخميس (2 أبريل/نيسان) وحتى إشعار آخر. كما أمرت أيضا الوزارة بحصر التنقل بالسيارات داخل أحياء المدينتين المذكورتين على شخص واحد فقط بالإضافة إلى سائق السيارة، بغية تخفيفا المخالطة إلى أدنى حد وتجنبا لانتشار الوباء. وترى الكاتبة أمل عبد العزيز الهزاني وهي أستاذة في جامعة الملك سعود أنه “لا توجد أي معلومة مؤكدة حول إلغاء فريضة الحج أم لا هذه السنة ويجب الانتظار شهر على الأقل لكي تتضح الصورة”. “فتح الحدود؟ آخر خطوة يمكن اتخاذها” وأضافت في اتصال مع فرانس24 عبر توتير “أعتقد من المبكر اتخاذ القرار لكني شخصيا لا أؤيد فتح الحدود، وأرى أنها آخر خطوة يتم اتخاذها”. ووفق آخر إحصاء نشرته وزارة الصحة السعودية، فقد تم تسجيل 1885 حالة إصابة لغاية الخميس، فيما توفى 16 شخصا جراء وباء فيروس كورونا.