أدى عدد أقل بكثير من المعتاد من المصلين صلاة الجمعة في المسجد الحرام، حيث تضمنت خطبة الجمعة الدعاء لأول مرة لإبعاد شر وباء "كورونا"؛ فيما كان صحن الكعبة وحوالي نصف المسجد خاويين، عملاً بإجراءات اتبعت لاحتواء الفيروس. وخلافاً لأيام الجمعة التي تشهد اكتظاظ المسجد بمئات الآلاف من المصلين، حضر الآلاف فقط لأداء الصلاة في أقدس المواقع الإسلامية، حيث توجه إمام المسجد عبد الله الجهني بالدعاء: "اللهم إنا نعوذ بك من البلاء والوباء". وقررت السلطات إغلاق صحن الكعبة، طوال فترة تعليق العمرة للمعتمرين من داخل المملكة وخارجها. وبدا صحن الكعبة خاوياً وساحات المسجد غير ممتلئة بالمصلين خلافا للمشهد المعتاد كل جمعة، حسب مصور وكالة فرانس برس في المكان، وكما ظهر في صور البث التلفزيوني. وتابع الإمام سائلا الرحمة: "ارفع عن خلقك ما نزل بهم"، في إشارة إلى وباء "كورونا" الذي يطال أكثر من 80 دولةً، مع عدد وفيات تقارب 3400 وإجمالي إصابات يفوق 98 ألفاً حتى صباح الجمعة. وقررت السلطات السعودية، الخميس، إغلاق صحن الكعبة ومسعى الصفا والمروى في مكة والمسجد النبوي لتطهيرهما وتعقيمهما طوال فترة تعليق العمرة خشية وصول فيروس "كورونا" المستجد إلى أقدس المواقع لدى المسلمين. وتشمل الإجراءات "إغلاق الحرمين الشريفين بعد انتهاء صلاة العشاء بساعة وإعادة فتحهما قبل صلاة الفجر بساعة". وهي خطوة لم يسبق لها مثيل، ولجأت إليها المملكة إثر تعليق أداء مناسك العمرة أمام جميع المسلمين مؤقتا. وقال الجهني من فوق منبره، الذي وضع بعيدا عن الكعبة لأول مرة منذ عقود طويلة، إنّ "الإجراءات التي اتخذتها حكومة المملكة بتعليق العمرة والزيارة للحد من انتشار هذا الوباء القاتل متوافقة مع نصوص الشريعة.... حفظ الأرواح من مسؤولية الحاكم الكبرى". وأكّد موظف في هيئة شؤون الحرمين ردا على سؤال لوكالة فرانس برس أنّ "أعداد المصلين بالطبع قليلة، وهو أمر نادر... 45% من مساحة المسجد مغلقة". وتابع أن "الصلاة تمت داخل الحرم وفي الأدوار العليا، باستثناء المطاف والمسعى". وأوضح أن إغلاق المطاف والمسعى "للدلالة للناس أنّ المسجد متاح لأداء الصلاة فقط وليس للعمرة"، التي يمكن تأديتها في أي وقت على مدار العام. وتواصل السلطات السعودية المختصة القيام ب"عملية تعقيم دورية لكافة بقاع الحرم ومرفقاته"، حسب المصدر نفسه. وأدّى 18,3 ملايين شخص مناسك العمرة في العام 2018، حسب الأرقام الرسمية في المملكة. ويثير التعليق الحالي تساؤلات حول موسم الحج المقبل في يوليوز. كما استقطب موسم الحج حوالى 2,5 ملايين شخص في 2019؛ فيما كانت السلطات المختصة قد توقعت، قبل انتشار الفيروس، أن يصل عدد الحجاج إلى2,7 ملايين في عام 2020. "محروم من الكعبة" وتحدث إمام الحرم عن وباء حدث في بلاد الشام في عهد صحابة الرسول محمد قبل قرون، وكيف تجنب قادة المسلمين الذهاب إلى المكان بسبب انتشار الطاعون به. وبقيت المحال والمطاعم حول المسجد مفتوحة الجمعة؛ لكن الإقبال لم يكن كالمعتاد في يوم يصعب عادة العثور فيه على طاولة في مطعم قريب من المسجد. وقال مهندس مصري، فضّل عدم ذكر اسمه: "انتابني شعور غريب وصعب وأنا متوجه للمسجد. شعور أنني محروم من الكعبة". وتابع الشاب، البالغ 38 عاما ويعيش في مكة منذ ست سنوات ويزور الكعبة لأداء العمرة كل أسبوعين: "أن ترى الكعبة خالية تماما أمر مخيف من حيث المبدأ". وأظهر البث الحي لقناة "السعودية قرآن" الساحة الخارجية للحرم شبه خاوية من المصلين، فيما لم توجه كاميرات هذه القناة بتاتا إلى صحن الكعبة على غير العادة. وقال مسؤول كبير في وزارة الحج والعمرة، الخميس، لفرانس برس إنّه "لا يزال هناك 260 ألف معتمر وافد في مكة والمدينة". وأشار إلى أنّ السلطات الصحية تجري فحصين طبيين على المعتمرين عند تنقلهم بين المدينتين. ولم تعلن السلطات السعودية إصابة أي معتمر بالفيروس حتى الآن. اتهامات سعودية إلى إيران ويأتي تعليق العمرة في إطار إجراءات احترازية اتخذت في كافة دول الخليج، بعد إلغاء تجمعات، من الحفلات الموسيقية إلى الأحداث الرياضية. وسجلت السعودية خمس حالات مصابة بفيروس "كورونا"؛ بينها أربع حالات لزوار عائدين من إيران، حيث أدى الوباء لوفاة 124 شخصا، حسب الأرقام الرسمية الجمعة. وندّدت السعودية بسلوك إيران "غير المسؤول" لقيامها بإدخال مواطنين سعوديين إلى أراضيها، دون وضع ختم على جوازاتهم. ونقلت وكالة الأنباء السعودية، مساء الخميس، عن مصدر مسؤول تحميل إيران "المسؤولية المباشرة في التسبب في تفشي الإصابة بالفيروس وانتشاره عبر العالم وتشكيل خطر صحي يهدد سلامة البشرية". ولم ترد طهران بعد على هذه الاتهامات. ويشكّل إغلاق صحن الكعبة إحباطا للكثير من المعتمرين الأجانب، الذين دفعوا الكثير من مدخراتهم للقيام بالرحلة التي تستمر عادة أسبوعين. وقال المعتمر التركي حسام الدين علي بالعربية بصوت يغلبه الأسى لفرانس برس: "لا نستطيع الدخول إلى صحن الكعبة المشرفة" للطواف أو أداء العمرة. وتابع الرجل، الذي وصل السعودية قبل أربعة أيام من قرار المنع بحزن: "من الممكن أن أعود إلى تركيا فنحن دائما بالفندق. ماذا نفعل في الفندق؟".