على نهج الصحافيين المهنيين ، الذين لم تنسيهم أو تغريهم المهن الإدارية الموازية جرأة اقتناص المادة الخبرية لصياغتها وتحليلها والتعليق عليها ، استطاع الصحافي عبد الإله التهاني ، مدير الاتصال والعلاقات العامة بوزارة الاتصال المغربية ، أن ينجح بميزة متفوق جدا في إدارة ندوة تكريم قيدوم الصحافيين المغاربة ، الذين خبروا بلاط صاحبة الجلالة وأثروا فيه لفائدة جيل ما بعد الاستقلال ، الأستاذ محمد العربي المساري : " سياسي ودبلوماسي وإعلامي " . وعبر الأستاذ عبد الإله التهاني ، وهو يفتتح الندوة العالمية التي حضرتها فعاليات عربية ودولية ، عن عظيم اعتزازه بتشريفه بإدارة ندوة تكريم الكاتب الصحفي محمد العربي المساري ، المبرمجة ضمن فعاليات جامعة المعتمد بن عباد الصيفية على مدى يومين ؛ السبت والأحد الماضيين ، التي كرست حضورها المتألق كأحد الروافد الثقافية لموسم أصيلة الدولي ، وأحد عناوينه الفكرية المشرقة التي ذاع صيتها شرقا وغربا . وأشاد الأستاذ التهاني ، وهو يقدم لندوة تكريم الصحافي / الوزير ؛ العربي المساري ، بما أراده وزير الخارجية والتعاون الأسبق ، الأمين العام لمنتدى أصيلة الثقافي ورئيس مجلسها البلدي ، السيد محمد بن عيسى ، لحفل تكريم المساري باعتباره أحد أعلام المغرب الكبار ، الذين ندروا حياتهم للكتابة الصحفية والبحث التاريخي والعمل السياسي الوطني في المملكة المغربية ، وهو الصحافي الذي تعددت مواهبه وتنوعت عطاءاته وتشعبت مجالات حضوره السياسي والفكري والإعلامي على امتداد أزيد من نصف قرن ، باصما خلالها المشهد السياسي والصحفي لبلاده المغرب بالعديد من آثار الخير والعطاء والإنتاجية الوازنة ، واهبا عبرها عصارة فكره وذوب وجدانه لقضيا المغرب وتطلعاته ومعاركه . وخلص الأستاذ التهاني في ختام تقديمه المحتفى به لجمهور الحاضرين أشغال الندوة ، باعتبار المساري كاتب صحفي مقتدر ، ومؤرخ وباحث رصين ، ووزير كفء نزيه ، وسفير متمرس أثبت فعاليته في المنتديات الدبلوماسية مدافعا عن وطنه وشعبه وأمته ، وعن القيم الإنسانية النبيلة فيه ، منافحا عن قيم الحرية والعدالة والديمقراطية والتحرر ، مساهما في إحلال المغرب المكانة اللائقة به على كافة المستويات ، وفي مختلف الواجهات . وللإشارة فقد كانت ندوة تكريم الصحافي والسياسي محمد العربي المساري فرصة أدلى خلالها المشاركون في أشغالها بشهاداتهم في المحتفى به . وكانت أولى الشهادات عن ذكريات الأمين العام لمنتدى أصيلة ، الأستاذ محمد بن عيسى ، مع الصحافي والمناضل المساري أيام تواجدهما معا بإذاعة تطوان " عندما كانت المسافات تطول بين أصيلةوتطوان " . ثم الشهادة / المداخلة ، التي أدلى بها قيدوم الصحافيين المغاربة ، صاحب عمود " مع الشعب " بجريدة العلم ، الأستاذ عبد الكريم غلاب ، الشهادة التي جاءت جامعة مانعة تناول فيها ( الأديب السياسي ) مراحل التأثير السياسي الوطني في كتابات محمد العربي المساري ، ومنها مؤلفه عن جلالة الملك محمد الخامس ، مؤكدا أن كتابات المساري ميزتها الدقة التاريخية المقارنة ، المعتمدة على درايته باللغة الإسبانية ، التي قصرت عليه مسافات النفاذ إلى الأرشيف الإسباني والإحاطة بلغة الشاعر الكبير أنطونيو ماتشادو ، التي بها سيقوم المساري بتجديد ، وتصحيح ، عدد من المفاهيم والأطروحات التي كانت مغلوطة لدى الرأي العام هنا وهناك .. وخلص غلاب إلى الدعوة إلى تأسيس جامعة للفنون والآداب بأصيلة تمنح روادها " ليسانس " في ذات الشعبة . ومن جهته الإعلامي يونس مجاهد ، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية ، الذي سلمه المساري مشعل قيادة المنظمة الصحفية للسير في مسار تحقيق مكاسب الصحافيين المنضوين تحت لوائها ، يونس الذي أكد في شهادته ما عاناه العربي المساري من مواجهات ومضايقات من وزير الداخلية الأسبق " إدريس البصري " ، الذي لم ينفعه دهاءه من النيل من مواقف المساري أو من النقابة الصحفية ، فعلق الوزير الذي كان يعرف ب " الوزير القوي " في ختام مفاوضاته مع المساري ب " أنت يا المساري ومجاهد متفقين علي لأنكما من بلدة واحدة " ؛ في إشارة لمدينة تطوان التي ينتمي إليها كلا الرجلين . ومن جهته محمد أوجار ، الصحافي السابق في جريدة " الميثاق الوطني " ؛ لسان حزب " الأحرار " الوسطي ، ووزير حقوق الإنسان في حكومة الاشتراكي عبد الرحمان اليوسفي ، يؤكد نضاله إلى جانب النقيب العربي المساري أيام قيادته لنقابة الصحفيين المغاربة ، غير أن أوجار تساءل عن سبب ترك العربي المساري ، وهو في أوج تألقه السياسي / رئيس الفريق الاستقلالي في البرلمان ، مدير جريدة العلم .. ليجمع حقائبه فجأة ليسافر إلى البرازيل سفيرا للمملكة بها ، معتبرا ، أوجار ، خيار العربي المساري ذاك ، سؤال مازال يؤرقه حتى الآن يرجو له جوابا كافيا وشافيا يريحه . واختتمت جلسة اليوم الأول من ندوة " محمد العربي المساري : السياسي ، الدبلوماسي والإعلامي " ، التي قادها الصحافي عبد الإله التهاني ، بكلمة مقتضبة للرجل الذي خدم النشر الصحفي في المغرب بالتوزيع والسفر بالجريدة والمجلة والمطبوع إلى أقصى نقطة في بلاده ، سهولا وجبالا ، السيد محمد عبد الرحمان برادة ، شكر فيها الجميع على ما يبذلونه لصالح الوطن ، مؤكدا على أن الديمقراطية وحرية التعبير وحقوق الإنسان من أهم مكتسبات المغرب الحديث .