كان وزير الإعلام والسفير والصحافي السابق، محمد العربي المساري، على موعد مع التكريم خلال الدورة الثالثة والأربعين لموسم أصيلة الثقافي، أول أمس السبت، في حفل حضره ثلة من الإعلاميين والسياسيين والدبلوماسيين الذين رافقوا مسيرة رئيس التحرير السابق لجريدة «العلم». واعتبر قيدوم الكتاب الاستقلاليين، المؤرخ عبد الكريم غلاب، أن المساري هو «الكاتب الذي يستحق أن يؤخذ مستقبلا كنموذج للكتاب المغاربة خلال القرنين 20 و21»، واصفا إياه بالكاتب الذي يتطلع دائما للآتي ولا يغرق في الماضي، وأضاف غلاب أن المناصب السياسية التي تقلدها المساري لم تفلح في إبعاده عن الكتابة التي وصفها بالوسواس الذي يسكنه. وقال غلاب إن تعامل المساري مع مهنة الصحافة، كان غارقا في المهنية، حتى إنه يرفض أن يملأ بياضات الجريدة بأي كان، مصرا على أن تكون كل مواضيع جريدته عبارة عن رصيد معرفي وثقافي، وأضاف الكاتب المغربي أن السمة التي طبعت كتابات المساري الصحفية، كانت هي الجدة والتلخيص. وكان غلاب الذي أشاد بموسم أصيلة الثقافي، قد اقترح خلال بداية كلمته أن تستضيف أصيلة كلية أو معهدا للثقافة العربية، تابعا لجامعة مغربية، على أن يعنى بالآداب والفنون بدرجة أولى، داعيا إلى عدم اعتبار هذا المقترح مستحيلا والتفكير فيه بجدية. من جهتها، اعتبرت الوزيرة المنتدبة السابقة في الخارجية، والمديرة السابقة للمعهد العالي للإعلام والاتصال، لطيفة أخرباش، أن المساري الذي مارس السياسة والديبلوماسية والأدب، «اعتنق الصحافة». وذكرت أخرباش أن المساري، الذي وُصف ساعة تقلده منصبه الوزاري ب «الصحفي الذي ضل طريقه إلى الوزارة»، كان أول حامل لمشروع إصلاح الإعلام المغربي، «متبنيا أفكار ديمقراطية التحرير وضبط سوق الإشهار والممايزة بين الصحفي والموظف العمومي»، وتضيف الوزيرة السابقة أن عدم قدرة المساري على إنزال مشروعه سببه أنه «كان سابقا لعصره ولأن المناخ السياسي السائد آنذاك لم يكن يقبل الإصلاح، لذلك اختار العودة إلى قبيلة الصحافيين». واعتبرت أخرباش أن سر نجاح المساري الصحفي يكمن في أسلوبه المرتكز على العلاقات الطيبة، «فهو رغم تباين مواقفه مع مواقف الآخرين إلا أن تعامله معهم كان عنوانه التقدير والاحترام خاصة الخصوم والأنداد»، حسب كلمة الوزيرة السابقة. وأبدت أخرباش تفاؤلها بترؤس المساري اللجنة الموكول إليها التحضير لإعداد قانون الصحافة الجديد، آملة أن يتمخض ذلك عن إصدار مدونة للإعلام مبنية على حوار مجتمعي واسع، تحترم حرية الإعلام وتنبني على القواعد المهنية. من جانبه، تحدث وزير حقوق الإنسان السابق، محمد أوجار، عن المساري السياسي، رئيس الفريق البرلماني لحزب الاستقلال، واصفا إياه بأحد كبار قادة العمل البرلماني في مرحلة دقيقة من تاريخ المغرب، وتساءل أوجار: «ما الذي دفع رئيس تحرير أكبر صحيفة في المغرب آنذاك، وزعيما سياسيا ذائع الصيت ليرحل كسفير للبرازيل في عز مجده؟ هل هي مكائد الدولة، أم عدم ارتياح حزب «الفاسيين» لأن يتزعم «شمالي» فريقه البرلماني؟». وتحدث أوجار عن عدم قدرة حكومة التناوب على إنزال مشروعها لإصلاح الإعلام، معترفا بأن وزراء تلك الحكومة «لم يستطيعوا مواجهة مناهضي التغيير، إذ طحنت ماكينة الدولة أحلام الإصلاح الصغيرة»، على حد تعبيره. وكان الوجه النقابي لابن تطوان، موضوع مداخلة رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، يونس مجاهد، الذي قال إن المساري كان يصر على الاهتمام بقضية أخلاقيات العمل الصحفي، حيث إنه نظم مؤتمرا دوليا من أجل ذلك، تمخضت عنه لجنة للحكماء لإنجاز مدونة السلوك الصحفي، حسب مجاهد. وأشاد مجاهد بعدد من خطوات المساري لما كان على رأس النقابة الوطنية، من بينها تشجيعه للدراسات الصحفية كما أنه سبق أن وضع ميزانية للطلبة الباحثين في مجال الإعلام، إلى جانب طرح قضية استقلالية العمل المهني لأول مرة.