واصل ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أمس الإثنين زيارته إلى مصر والتي شهدت توقيع البلدين اتفاقاً لتأسيس صندوق مشترك بقيمة 10 مليارات دولار، لإقامة مشاريع في جنوبسيناء ضمن خطةٍ سعوديةٍ لبناء منطقة اقتصادية ضخمة. وتأتي زيارة الأمير بن سلمان لمصر، والتي بدأها أول أمس الأحد، وتستمر 3 أيام، في مستهل أول جولة خارجية له منذ توليه منصبه منتصف 2017. وكان ولي العهد أعلن العام الماضي (2017)، عن مشروع لبناء منطقة اقتصادية ضخمة في شمال غربي البلاد، تشمل أراضي في الأردن ومصر، باستثمارات تبلغ أكثر من 500 مليار دولار، تحت اسم “نيوم”. نَص الاتفاق والاتفاق السعودي-المصري ينص، بحسب مصدر حكومي سعودي، على إقامة مشاريع في الأراضي المصرية المشمولة بالمشروع الضخم والتي تقع في جنوبسيناء. وفي وقت سابق اليوم قال مسؤول سعودي لرويترز إن مصر تعهدت بتقديم ألف كيلومتر مربع من الأراضي في جنوبسيناء لتكون ضمن مدينة عملاقة ومنطقة تجارية كشفت السعودية النقاب عنها في أكتوبر وهي المساحة التي تزيد عن مساحة دولة البحرين التي تبلغ مساحتها نحو 756 كم². وقالت المصادر الحكومية، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الدور المصري في الاتفاق يقوم خصوصاً على تقديم “أراضٍ مؤجرة على المدى الطويل”. ويتطلب إنجاز مشروع “نيوم”، الذي أعلنه ولي العهد السعودي العام الماضي (2017)، استثمارات قيمتها 500 مليار دولار، وسيقام على مساحة 26.500 كيلومتر مربع في شمال غربي السعودية على البحر الأحمر، ويضم كذلك أراضي في الجهة المقابلة بمصر والأردن. ويعكس المشروع الضخم التقارب الكبير بين القوتين الإقليميتين المتنافستين مع إيران؛ السعودية، صاحبة أكبر اقتصاد عربي، ومصر التي تضم أكبر عدد من السكان بين الدول العربية. وترتبط مصر والسعودية أصلاً بعلاقات اقتصادية وثيقة بالفعل. وأكد المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، في مقابلة مع التلفزيون المصري، أن “السعودية تمثل المستثمر العربي الأول في مصر”. وأضاف أن التعاون الاقتصادي وفي مجال الاستثمارات بين البلدين، يمثل “جانباً أساسياً” من زيارة الأمير بن سلمان. وبالتعاون مع القاهرة وعمّان، تسعى الرياض إلى جذب شركات ملاحة وسياحة أوروبية تعمل في البحر المتوسط صيفاً، للعمل في البحر الأحمر بعد الموسم الصيفي. مصالح مشتركة وقام السيسي وبن سلمان، صباح الإثنين، بزيارة إلى الإسماعيلية في منطقة قناة السويس، حيث حضرا عرضاً حول تطور المشروعات الكبرى المصرية بهذه المنطقة، قبل أن يقوما بجولة في المجرى الملاحي. وتحدَّث رئيس هيئة قناة السويس، مهاب مميش، أمام السيسي وبن سلمان عن مشروعات في مجالات عدة من الصناعة الحديد والصلب إلى تكرير النفط، مروراً بالسياحة. وقال مميش إن “المجال مفتوح لإنشاء صناعات داخل المنطقة”. ونقل التلفزيون الرسمي وقائع زيارة السيسي وبن سلمان للمنطقة، وكان يذيع أغنيات وفيديوهات قصيرة تشيد بالسعودية وبالعاهل السعودي الملك سلمان، والد ولي العهد. وعلى الصعيد الدبلوماسي، للدولتين مصالح استراتيجية مشتركة وتتبنَّيان خصوصاً موقفاً مناهضاً لقطر، التي تتهمانها بالتقارب مع إيران، العدو اللدود للرياض، وبدعم الإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة. وتولي واشنطن اهتماماً بلقاء الرجلين؛ فقد تلقَّى السيسي، مساء الأحد، يوم وصول ولي العهد السعودي، اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وبحسب بيان للبيت الأبيض، فقد ناقشا “الدعم غير المسؤول” من روسياوإيران لنظام الرئيس السوري. وقالت الصحف المحلية إن الأمير بن سلمان، الذي يسعى لجعل بلاده أكثر انفتاحاً على الصعيدين الاجتماعي والثقافي، سيحضر الإثنين مسرحية في دار الأوبرا بالقاهرة إلى جوار الرئيس المصري. وتأتي زيارة بن سلمان لمصر، قبل 3 أسابيع من انتخابات الرئاسة، التي تجري من 26 إلى 28 مارس 2018، والتي يبدو أن فوز السيسي بها شبه محسوم، في ظل عدم وجود أي منافس حقيقي. ويبدأ الأمير بن سلمان، الذي أصبح الرجل الأقوى في المملكة، زيارةً الأربعاء 7 مارس 2018، إلى لندن، وأخرى للولايات المتحدة ما بين 19 و22 مارس 2018. وسيزور كذلك فرنسا خلال الأسابيع المقبلة.