لا حديث للصحافة الإسبانية المكتوبة أو المرئية أو المسموعة منذ يوم أمس إلا شريط الفيديو الذي نشرته إحدى وكالات الأنباء الموريتانية، وكان مبعث "الصدمة" و"المفاجأة" على حد تعبير وسائل الإعلام هو ظهور الرهينتين بابتسامة عريضة وتبادل المزاح وهما يركبان سيارة رباعية الدفع مع عمر ولد سيدي أحمد ولد حما، الملقب بعمر الصحراوي. وهو ما دفع الجميع إلى التوصل إلى استنتاج منطقي مفاده أن هذا الرجل الذي تم ترحيله إلى مالي لقضاء عقوبة سجن تصل إلى 12 سنة حر طليق، وأن هذا "الترحيل" الذي باطنه "إفراج" جزء من الصفقة التي سهرت السلطات الإسبانية على تنفيذها للإفراج عن الرهينتين الإسبانيتين لدى تنظيم القاعدة للمغرب الإسلامي. وكما كان متوقعا، احتل الخبر صدر أكبر الجرائد والنشرات الإخبارية، كما أن الحزب الشعبي جدد مطالبته بالكشف عن حيثيات الصفقة. ولا يشك أحد أن هذا الشريط شكل بالون أوكسجين للمعارضة التي سارعت إلى اتهام الحكومة ب"الرضوخ لمطالب الإرهابيين" و"أداء الفدية لهم". وأمام الإحراج الواضح الذي يمثله الشريط للحكومة الإسبانية، فقد رفض كل من وزير الداخلية وكاتبة الدولة للتعاون الدولي الإدلاء بأي تعليق بشأنه. أما خارج إسبانيا، فقد علت الأصوات سياسيا وإعلاميا داخل وخارج أوروبا، وكان من أبرزها تصريح الرئيس الفرنسي المعارض لأية مساومة مع الإرهابيين. وفي القارة الإفريقية، فقد انتقدت وسائل الإعلام الجزائرية السياسة الإسبانية المتبعة لتحرير الرهائن بدعوى أنها تناقض ما التزمت به هذه الدولة في قمة دول الاتحاد الإفريقي، إضافة إلى أن أداء الفدية من شأنه تقوية وتسليح المنظمة الإرهابية، أي أنه بمثابة تشجيع لها للمضي قدما في عمليات الاختطاف وطلب الفدية.