تابعت صحيفة "كوميرسانت" المواجهات الدائرةَ في جمهورية مالي، مبرزة أن مقاتلين الطوارق، من "جبهة تحرير أزاواد" الانفصالية، سيطروا على خمس مدن في شمال ووسط مالي. وأن الحكومة دفعت بقطعات مدرعة مدعومة بالطائرات والحوامات، ما أدى إلى سقوط المئات بين قتيل وجريح. لهذا فإن الخبراء يخشون انتشار عدوى التمرد والنزعة الانفصالية في المنطقة برمتها، حيث من الممكن أن يستغلها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وغيره من الحركات الراديكالية الأخرى. إن الوضع في تلك المنطقة خطير للغاية خاصة وان الجيش المالي لا يمتلك من القوة ما يمكنه من القضاء على ذلك التمرد خلال فترة قصيرة لأن مجموعات الطوارق خضعت، في وقت سابق، لتدريبات عسكرية عالية المستوى في معسكرات الجيش الليبي، ومسلحة أفضل بكثير من القوات الحكومية. عدا ذلك، خدم قسم كبير من الطوارق في قوات النخبة الليبية، وفي الفيلق الأفريقي، وفي ما يعرف ب"كتيبة خميس القذافي". وترى الصحيفة أن ما تشهده جمهورية مالي من تطورات متسارعة، نتيجة مباشرة للصراع في ليبيا ذلك أن أعدادا كبيرة من الطوارق عادوا، بعد سقوط نظام القذافي، إلى مناطقهم مدججين بمختلف أنواع الأسلحة. لهذا فإن هناك خشية حقيقية من انتشار عدوى التمرد والنزعة الانفصالية في كافة البلدان التي يتواجد فيها الطوارق. ولقد ظهرت بوادر التململ والقلاقل في موريتانيا والنيجر والجزائر. تجدر الإشارة هنا إلى أن الطوارق لا يعترفون بالحدود، ولديهم في العديد من البلدان مشاكل مع الحكومات. وتفيد تقارير المراقبين بأن خطر زعزعة الاستقرار يخيم على عشر دول في تلك المنطقة. فبالإضافة إلى ليبيا يعيش الطوارق في النيجر ومالي وتشاد وبوركينا فاسو والجزائر وموريتانيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديموقراطية، وأيضا في السودان. ويخشى الخبراء في الوقت الحالي من إمكانية امتداد انتفاضة طوارق مالي، إلى النيجر ودول أخرى مجاورة، مسببة بذلك أزمة اقليمية خطيرة. إن المشكلة الحقيقية تكمن في حقيقة أنه بعد مقتل معمر القذافي، خرج الطوارق في واقع الأمر عن سيطرة حكومات البلدان التي يعيشون فيها. فقد كان العقيد القذافي يقدم المساعدات بسخاء للبدو الرحل، حتى أصبح مثلهم الأعلى، وكسب بذلك ولاءهم. وعندما كانت إحدى الدول الأفريقية تواجه انتفاضة الطوارق، كانت تسارع إلى معمر القذافي للتوسط في حل تلك المشاكل. أما الآن فلم يعد موجوداً ذاك الشخص الذي كان باستطاعته أن يؤثر على الطوارق. ولهذا فإن حل ما ينشب من أزمات مشابهة سيتم على الأرجح عن طريق السلاح، خاصة وأنه ظهر لدى الطوارق رُعاةٌ جدد بدلاً عن القذافي، من أخطرهم "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي".