شن الجيش المالي غارات على مواقع للمتمردين الطوارق شمال شرق البلاد بعد إعلانهم في وقت سابق سيطرتهم على بعض المناطق، في حين تزايدت الدعوات لوقف القتال الذي تسبب بنزوح الآلاف، في الوقت الذي عبرالعديد من المراقبين من مخاوف من تهريب أسلحة ليبية إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين بتندوف، بالجنوب الجزائري. وأفادت مصادر عسكرية وشهود بأن مروحيات الجيش شنت غارات على المنطقة بين كيدال وأبييبارا بهدف منع المتمردين من الزحف على كيدال، كبرى مدن المنطقة. بموازاة ذلك قال رئيس المكتب السياسي للحركة الوطنية لتحرير أزواد، محمود أغ غالي في اتصال مع الجزيرة نت إن مقاتلي حركته تمكنوا من "تحرير" مدينة أشبرش في منطقة تنزاويتن المشتركة بين الجزائر ومنطقة أزواد بمالي. وأوضح محمود أغ غالي أن الاستيلاء على المدينة جاء بعد ثلاثة أيام من حصارها واشتباكات متقطعة مع الجنود الماليين المرابطين على أبوابها، مشيرا إلى أن مقاتلي الطوارق تمكنوا إثر معارك الأيام الماضية من قتل عدد من الجنود الماليين وأسر نحو سبعين منهم وغنم ثلاث مدرعات وعدد من الآليات العسكرية. وجاء حديث غالي بعد إصدار الحكومة المالية بيانا أكدت فيه أن جنودها انسحبوا من تنزاويتن إلى الجزائر المجاورة، وأضافت أن القوات نفذت "انسحابا تكتيكيا" من قاعدتها العسكرية قرب الحدود الجزائرية، مشيرة إلى أن جنديا قتل وأن آخرين أصيبا بجراح. يذكر أن مسلحي ما يعرف ب"الحركة الوطنية لتحرير أَزواد" بدؤوا تمردا جديدا الشهر الماضي في الأقاليم الشمالية من مالي وُصف بأنه الأكبر منذ العام 2009. ويأتي ذلك في ظل عودة مئات المقاتلين الطوارق من ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي، محملين بكميات كبيرة من الأسلحة والعتاد وبخبرات عسكرية وأمنية معتبرة. وأسفرت المعارك عن سقوط العديد من القتلى من الجانبين دون التمكن من تحديد حصيلة دقيقة من مصادر مستقلة، خصوصا أن كل طرف يزعم الانتصار. وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن 30 ألف شخص على الأقل نزحوا من مالي ويقيمون "في ظروف بائسة". من جهتها أكدت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة أن عددا كبيرا من النازحين توجهوا إلى موريتانيا وإلى بوركينا، في حين تستعد الجزائر التي لم تستقبل حتى الآن سوى عدد محدود، لمواجهة نزوح "كثيف" من المهاجرين الطوارق حسب الهلال الأحمر الجزائري. وكثرت الدعوات إلى وقف إطلاق النار في مالي وخارجها. والأسبوع الفائت، شهدت عدة مدن بما فيها العاصمة باماكو تظاهرات احتجاجا على طريقة تعامل الرئيس حمادو توماني توري في إدارة الأزمة. وفي هذا الإطار أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن "قلقه الشديد" من الانعكاسات الإنسانية لتلك المعارك، ودعا "مجموعات المتمردين إلى الكف فورا عن هجماتهم وفتح حوار مع حكومة مالي لتسوية الخلافات". كذلك دعت فرنسا -التي يبحث وزيرها للتعاون هنري رينكور الخميس مع السلطات في باماكو الوضع في شمال مالي- إلى "وقف إطلاق النار فورا" واعتبرت أنه "مهما كانت الدواعي" "لا يجوز" لجوء المتمردين إلى القوة. وفي باماكو دعا نحو ثلاثين حزبا سياسيا تنتمي إلى التيار الرئاسي أيضا إلى وقف إطلاق النار وفتح حوار. وأجري وزير الخارجية المالي سوميلو بوبيي مايغا مطلع فبراير/شباط مباحثات في العاصمة الجزائرية مع مندوبين من تحالف 23 مايو/أيار من بينهم مقاتلون من الحركة الوطنية لتحرير أزواد، ودعا الطرفان "بإلحاح" إلى وقف الأعمال الحربية. من جهة أخرى عبر العديد من المراقبين للأوضاع في المنطقة عن تخوفهم من انخراط مقاتلين من جبهة البوليساريو في هذه المعارك ومن تهريب العتاد العسكري الذي كان بيد المرتزقة الذين ساندوا نظام العقيد الهالك معمر القذافي إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين بتندوف بالجنوب الجزائري.