قرر عشرات المتظاهرين المصريين الاعتصام في ميدان التحرير حتى يُسّلم المجلس العسكري الحاكم السلطة للمدنيين، وذلك بعد احتفالات شارك فيها مئات الآلاف لإحياء الذكرى الأولى للثورة التي أسقطت الديكتاتور المصري حسني مبارك وتقديمه للمحاكمة . وكان مئات الألوف من المصريين قد خرجوا في مظاهرات يوم أمس وُصفت بأنها الأكبر منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وذلك لإحياء الذكرى الأولى لثورة الخامس والعشرين من يناير. وغلب ارتفاع المعنويات على المحتشدين، لكن انقساما حدث بين نشطاء يطالبون بإنهاء الحكم العسكري فورا وآخرين يحتفلون بما حققته الثورة حتى الآن. واحتشد عشرات الآلاف من الإسلاميين والليبراليين واليساريين ومواطنين عاديين في ميدان التحرير بالعاصمة، مركز الاحتجاجات التي أطاحت بمبارك، وهم يلوحون بالأعلام المصرية ويرفعون اللافتات التي تحمل شعارات متنوعة تعكس اختلافا على ما يعنيه هذا اليوم. وللمرة الثانية يتجاهل المصريون شائعات التخويف، فبعدما شاركوا بكثافة في الانتخابات التي مرت هادئة على عكس توقعات بأن تشهد عنفا واسعا، عادوا للمشاركة بقوة في مظاهرات ميدان التحرير، ومرت ساعات النهار في هدوء ودون مشكلات، تخوف منها البعض على خلفية ما عدّوه تناقضا في الأهداف بين فريقين من المتظاهرين. ويتخوف البعض من احتمال اندلاع أعمال عنف في حال توسيع نطاق احتجاج كان يخشاه المجلس العسكري، ويأمل أن يقتصر التظاهر على الاحتفال، وذلك بعد أن انتهت سلسلة من الاعتصامات في الأشهر الأخيرة بمواجهات مع قوات الأمن وخلفت عشرات القتلى وبالتوازي مع احتفالات ذكرى الثورة الأولى، أكدت عدة حركات في مقدمتها حركة شباب 6 أبريل وائتلافات شباب الثورة أن الثورة ما زالت مستمرة لأن أهدافها لم تتحقق بالكامل. الهتاف الأثير لثورة 25 يناير كان حاضرا في ذكراها الأولى، حيث ردد المشاركون "كرامة، حرية، عدالة اجتماعية"، وزاحمته في ذلك هتافات تنادي ب"سقوط حكم العسكر" والمطالبة بسرعة تسليم السلطة إلى المدنيين، وأخرى تطالب بحقوق شهداء ومصابي الثورة، فضلا عن هتافات تنتقد التباطؤ في محاكمة الرئيس المخلوع مبارك ورموز نظامه. وعلى المنصة التي أقامها الإخوان المسلمون، كانت المطالبة بتسليم السلطة إلى المدنيين حاضرة أيضا، وحضر معها هتاف "تغيير، حرية، عدالة اجتماعية"، إضافة إلى المطالبة بإعادة هيكلة وزارة الداخلية، ومحاكمة كل رموز النظام السابق، ووضع حدين أدنى وأقصى للأجور، وامتدت الهتافات لتشمل المطالبة بسقوط إسرائيل، فضلا عن انتقاد الرئيس السوري بشار الأسد واليمني علي عبد الله صالح. ومن على هذه المنصة، حرص القيادي في حزب الحرية والعدالة والنائب في البرلمان الجديد محمد البلتاجي على توصيل رسالة مفادها أن البرلمان والميدان متكاملان وليسا متنافسيْن، معلنا العمل من أجل تحقيق بقية أهداف ومطالب الثورة، حيث إن برلمان الثورة سيقر قريبا قانون استقلال السلطة القضائية، حتى يطمئن الشعب إلى أن المحاكمات الهزلية التي تجري حاليا لن تستمر.