بدأ منذ فجر اليوم توافد المئات إلى ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية القاهرة استعدادا ل"جمعة الغضب الثانية" التي أعلنت نحو 60 حركة وحزبا وائتلافا المشاركة في تظاهراتها، وذلك عشية الذكرى الأولى ل"جمعة الغضب" التي انطلقت في 28 يناير 2011 ضد النظام السابق. ونظم المتظاهرون من مختلف القوى السياسية مسيرات انطلقت مع الساعات الأولى لفجر اليوم تجوب ميدان التحرير والشوارع المحيطة به تطالب بالحرية للمعتقلين، وتندد بالمجلس العسكري الذي يدير شئون البلاد منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير/شباط الماضي. وبينما انقسمت الحركات السياسية حول دعوة استمرار الاعتصام بالميادين خلال الأيام المقبلة، أكد عدد من المتظاهرين أن المطلب الوحيد الآن هو الاستجابة للمبادرات التي طرحها النشطاء، ومن بينها تسليم السلطة لرئيس مجلس الشعب أو لرئيس مجلس القضاء الأعلى أو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ورفعت المسيرة شعارات مظاهرات 25 يناير، ومن بينها "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية" و"يلا يا مصري وخليك راجل.. الطنطاوي راحل راحل"، في إشارة إلى رئيس المجلس العسكري. وكانت فعاليات الذكرى الأولى لانطلاقة ثورة 25 يناير قد بدأت الأربعاء الماضي، حيث توافد عشرات الآلاف إلى ميدان التحرير، بعدما تحرك الآلاف في أكثر من 20 مسيرة خرجت من كل أنحاء العاصمة، مرتدين أقنعة لعدد من شهداء الثورة. ولم تخفف بداية انعقاد جلسات البرلمان في 23 الجاري، من حدة الخلافات حول استحقاقات المرحلة الانتقالية، كما لم تثن عشرات الائتلافات عن الدعوة ل"الدفاع عن الثورة"، بل والمطالبة بتحويل الاحتفالات الى "ثورة ثانية"، وهو ما يعارضه التيار الاسلامي بشقيه المعتدل والسلفي، الذي حصل على حصة الاسد من مقاعد البرلمان المنتخب. واختلفت بعض القوي والتيارات السياسية حول الهدف من المشاركة في مليونية اليوم، حيث اعتبرت جماعة الإخوان المسلمين أن الثورة "حققت بعض أهدافها وأن وجودهم في الميادين يأتي بغرض الاحتفال بذكري الثورة وليس بهدف المليونية". ورأت الجماعة، في تأكيد لذراعها السياسي (حزب الحرية والعدالة) أن جمعة اليوم "لا ينبغي أن تكون للغضب، لأن جزءا هاما من مطالب الثورة قد تحقق، وإن كان هناك جزء قد تم التباطؤ في تحقيقه، إلا أنه في سبيله للتحقيق، والحكمة تقتضي الانتظار لموعده المحدد وهو نهاية يونيو/حزيران المقبل"، في إشارة إلى تعهد المجلس العسكري بتسليم السلطة في هذا الموعد. وكان المجلس العسكري قد أكد الأربعاء نقل السلطة التشريعية لمجلس الشعب الذي تم انتخابه، مشددا على أن انتخابات الشورى والدستور ورئاسة الجمهورية ستعقد على التوالي قبل 30 يونيو/حزيران المقبل، الموعد المقرر لتسليم السلطة للمدنيين وعودة الجيش لثكناته. ومن جانبهم، أعلن السلفيون المشاركة بهدف حماية المنشآت والتصدي لمن وصفوهم بالمخربين والمندسين بين المتظاهرين، فيما أكدت الجماعة الإسلامية أن مشاركتها تأتي للتأكيد على سلمية الثورة ومطالبها بالقصاص للشهداء، والإفراج عن السجناء السياسيين. ويرفع المتظاهرون اليوم عشرة مطالب سيتم تقديمها إلي البرلمان للعمل علي تنفيذها وفق جدول زمني، يأتي في مقدمتها رحيل المجلس العسكري في أقرب وقت، وتسليم السلطة، والتعجيل بانتخابات الرئاسة، ومحاسبة العسكريين الذين اعتدوا علي الثوار. كما تؤكد المطالب على ضرورة عقد محاكمة ثورية لمبارك وأركان حكمه، وتطهير القضاء والداخلية والمؤسسات، وكذلك تشكيل لجنة الدستور من مختلف التيارات السياسية، ومواجهة الفقر، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والغاء المحاكم العسكرية للمدنيين والطوارئ نهائيا بدون أي استثناءات. يذكر أن المشير طنطاوي قرر، عشية ذكرى الثورة، رفع حال الطوارئ المعمول به منذ 31 عاما، مستثنيا منه المادة الخاصة ب"البلطجة"، ودعا الشباب إلى "تأسيس كيان حزبي له دور سياسي، والحفاظ على روح الثورة". فيما انتقد مجلس الشعب في ثاني أيام انعقاده (24 الجاري) تباطؤ سير محاكمات رموز النظام السابق والمسئولين عن قتل المتظاهرين ومعاناة أسر ضحايا ومصابي الثورة في الحصول على التعويضات والرعاية، وقرر رئيس البرلمان (سعد الكتاتني) استدعاء رئيس الحكومة (كمال الجنزوري) ووزراء الداخلية والصحة والعدل لمناقشتهم في هذا الملف. يشار إلى أن تحالف (ثوار مصر) دعا لإحياء ذكرى جمعة الغضب الأولى، التي يوافق موعدها غدا السبت، لأداء صلاة العصر على كوبري "قصر النيل"، القريب من ميدان التحرير، وهو المكان الذي سقط فيه مئات القتلى خلال العام الماضي. يذكر أن ثورة 25 يناير أجبرت مبارك على التنحي عن السلطة في 11 فبراير/شباط الماضي بعد 30 عاما من الحكم، إثر احتجاجات شعبية تواصلت على مدى 18 يوما.