وجهت انتقادات كثيرة إلى الحكومة الجديدة بالمغرب، التي يرأسها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي عبد الإله بنكيران، ووصفت بأنها حكومة "ذكورية" و"محافظة" بسبب اقتصارها على وزيرة واحدة ضمن تشكيلتها. وهذه أول قضية تثار في وجه الإسلاميين فور تسلمهم رئاسة الحكومة بالمغرب، حيث صدرت تعليقات عديدة تعتبر أن الحكومة لم تكن حتى في مستوى الحكومة السابقة التي ضمت أكثر من امرأة. وأثير هذا النقاش أيضا على مواقع الإنترنت وعلى صفحات الجرائد المغربية، حيث لم تسلم حكومة بنكيران من تعليقات ساخرة وصفتها ب"الخشنة" لغياب العنصر النسوي فيها. وعبرت أصوات نسائية عن "خيبة أمل" كبيرة بسبب إقصاء المرأة من تحمل المسؤولية، في أول حكومة يرأسها الإسلاميون وفي ظل أول دستور يأتي بعد ربيع الثورات العربي. رسالة سلبية وقالت رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان أمينة بوعياش -في تصريح للجزيرة نت- إن الحكومة الحالية لم تخط خطوة في اتجاه الرفع من تمثيلية النساء داخل الحكومة، وسجلت تراجعا كبيرا في هذا المجال. وأضافت أن الحكومة لم تبد رغبة في أنها سائرة نحو المناصفة بين الرجال والنساء، كما ينص على ذلك الدستور الجديد، محملة المسؤولية في ذلك للأحزاب السياسية المكونة للائتلاف الحكومي الحالي. وينص الفصل 19 من الدستور، الذي صادق عليه المغاربة في استفتاء شعبي في الأول من يوليو/تموز الماضي، على "تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء"، وعلى إحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز. ومن جهتها، عبرت النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة (معارض) فتيحة العيادي عن وجود إجحاف كبير في حق المرأة المغربية، متسائلة هل الأحزاب السياسية المغربية ليست بها كفاءات نسائية؟ وقالت إنه كان على حزب كبير مثل العدالة والتنمية أن يعطي مثالا للآخرين بمنحه ثلث الحقائب الوزارية للنساء، وأن يفرض على حلفائه تقديم وجوه نسائية لتحمل مسؤولية تدبير الشأن العام. واعتبرت العيادي، التي سبق لها أن انتخبت نائبة في انتخابات 2007 إلى جانب فؤاد عالي الهمة المستشار الحالي لملك المغرب، أن حكومة بنكيران بعثت "رسالة سلبية جدا" لنساء المغرب، وهي غير مشجعة لهن من أجل الانخراط في العمل السياسي. لا إلزام بالمناصفة و في رده على ما يوصف بأنه فشل لحكومة الإسلاميين في أول امتحان دستوري، قال البرلماني عن حزب العدالة والتنمية عبد العزيز أفتاتي -في تصريح للجزيرة نت- إن الدستور لا يلزم بالمناصفة الآن وإنما يقول بالسعي إلى تحقيقها في المستقبل. واعتبر أن الانتقاد الموجه إلى الحكومة هو انتقاد مقبول ومرحب به إذا كان من أناس لهم غيرة على المغرب، وهو غير مقبول من أولئك الذين يريدون أن يفشلوا تجربة "العدالة" في التغيير ويحاولون التشويش عليها منذ البداية. ودعا عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية الرأي العام المغربي إلى مناقشة موضوع المرأة من زوايا أخرى وليس فقط من خلال تمثيليتها في الحكومة، وإلى توجيه الاهتمام إلى الإجراءات التي ستتخذها الحكومة بشأن المرأة في المستقبل. وقال إن حزب العدالة والتنمية بادر من جهته إلى تقديم وزيرة هي بسيمة الحقاوي لشغل منصب مهم هو وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، ولا يملك أن يفرض على غيره من الأحزاب أن ترشح نساء في الحكومة.
وأكد البرلماني عن مدينة وجدة (شرق المغرب) أن النقاش الحالي لا علاقة له بموضوع "المحافظة" أو "الحداثة"، وأن الذين يتناولون القضية من هذا المنطلق يريدون تغليط الرأي العام. وخاضت حركات نسائية معارك ضارية من أجل رفع تمثيلية المرأة داخل البرلمان إلى الثلث في انتخابات 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، لكن قانون الانتخابات أقر فقط بلائحة وطنية تضم 60 امرأة. وينتظر أن تشهد الساحة السياسية في المغرب صراعات قوية بين حزب العدالة والتنمية الإسلامي والمعارضين له حول قضايا المرأة والأسرة والحريات الشخصية، كما حصل في السنوات الأخيرة.