ألقى الأستاذ الباحث عبد الله ساعف مؤخرا مداخلة حول موضوع 'الإعلام العمومي وآليات بناء الرأي العام الديمقراطي، خلال أولى جلسات الحوار حول الإعلام العمومي السمعي البصري، وهو اللقاء الذي نظمته الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والشركة الوطنية صورياد القناة الثانية بالرباط. في إطار الشراكة بين رئاسة القطب العمومي والتنسيقية النقابية للإعلام السمعي البصري، ونظرا لأهمية هذه المداخلة وقيمتها، نعرض لخطوطها العريضة بعد أن جمعنا وركبنا محاورها الأساسية. كيف نبني؟ كيف يمكن لإعلامنا العمومي أن يبني الرأي العام الديمقراطي، في ظل المعرفة الإعلامية المنخفضة وغير الموجودة في المناهج التعليمية، مع سيادة الاستهلاك السلبي، وحتى في الخبر السياسي هناك محدودية؟؟ نعم، تغير المناخ والوضع العام بالمقارنة مع الماضي، ولكننا نلمس صعوبة في الوصول إلى المعلومة ولا زالت بعض التقارير الدولية تتحدث عن هذه النقائص وهذا القصور الذي يعاني منه إعلامنا العمومي السمعي البصري. نظرية الاندماج الديمقراطي تفعل فيه العائلة والمدرسة ودرجة تأثير الإعلام في المجتمع على التوافق الديمقراطي ألا يفرغ توافق الفضاءات الديمقراطية من محتواها، ومن خلال النقاش في الفضاء العمومي عبر القنوات الديمقراطية، بهذا المعنى يمكن أن نؤسس لدور الإعلام العمومي في بناء الرأي العام الديمقراطي. ويظل الموضوع الأساسي مرتبط بمساهمة الإعلام العمومي في بناء الرأي العام الديمقراطي في المجتمعات الديمقراطية، ومفهوم الاندماج الديمقراطي يعني مجتمع واحد وإشكالاته مشتركة وتبلورها مختلف.نظرية الاندماج الديمقراطي تفعل فيه العائلة والمدرسة، وفيها بطبيعة الحال الإعلام ودرجة تأثيره في المجتمع، إن التلفزة والإذاعة والجرائد تساهم في خلق الاندماج الوطني. بناء رأي عام هي مسألة مرتبطة بالبنيات وبالسياسات العمومية وبطبيعة الصراع السياسي في البلاد.هو مجال لتدخل الإرادة الإنسانية والإرادة السياسية، ولا يقتصر الأمر وحده على خلق المناخ لبناء الرأي العام، فلا بد من تدخل سياسي عبر إجراءات.هناك مؤشرات دالة من خلال تقارير برنامج الأممالمتحدة في الوطن العربي، تقول أن هناك (1100) قناة فضائية في المنطقة العربية، وتزايد عدد الصحف المستقلة، وعدد الجرائد والإذاعات ومستخدمي الانترنت (57 مليون مستخدم). وهي تداخلات تكشف بشكل كبير الدور الأساسي للإعلام اليوم في التغيير السياسي. في السبعينات بدأنا نتعامل مع المجلات والجرائد المستقلة ورؤساء تحريرها، فتغيرت ثقافة الإعلام العمومي وبدأت تدخل الملكية الخاصة للإعلام، وتم اختراق الإعلام العمومي أو الرسمي من عدة جوانب. والتحرر من رقابة الدولة خاصة في الإعلام المكتوب المستقل، ومن الرقابة السياسية المباشرة وغير المباشرة، وهي تحولات وتغيرات تفاعلت هذه الأيام بشكل ملحوظ. بمعنى كسر حاجز الخوف وصعود نخب جديدة، منها النخب الإعلامية وتوارت النخب السلبية والصحافة السلبية إلى الخلف. سيادة التسلية والترفيه ضرورة البحث عن مستوى الحرية في الممارسة الإعلامية ومحاولة تكسير وتيرة التضييق على الصحافة التي تتخذ شكل القمع، بذريعة الحفاظ على الأمن الوطني أو الأمن العام، ثم البحث في مدى سيطرة السلطات على القنوات الرسمية (الإعلام العمومي) واستخدامها كمنابر للتعبير عن السياسات والمواقف الرسمية. بعد أن تغيرت اليوم التوازنات بشكل واضح، هل اختفت هذه السلبيات ولا زالت حاضرة في نقاشاتنا؟ الظاهرة الجديدة، هو موقع الإعلام في إطار السلطة الرابعة وحسب التعريفات القديمة، لها موقع خاص، تضمن مساءلة المسؤولين ومحاسبتهم بالموازاة مع القنوات الأخرى للمساءلة. بالإضافة إلى أن الفضائيات والإذاعات رغم التغييرات المهنية، فهي لا تلعب دورها بالموازاة مع درجة الوعي المغربي التي تغيرت. ولم يدمج المجتمع المدني بشكل كافي في منظومتنا الإعلامية، سيادة التسلية والترفيه بحضور محدود. التحقيقات الصحفية جد محدودة ويسود الدفاع عن النظام والسياسات الحكومية. سعيد فردي القدس العربي