لم تكد الحملة الأمنية التي تشنها مختلف الفرق الأمنية بسلا في إطار حملات أمنية تطهيرية خلال الأسبوع الماضي تضع أوزارها حتى تسابق بعض من المحسوبين على مهنة المتاعب، أو المنتمين على الحقل الصحافي، من الذين تعودوا على الترويج والتهليل لهذه الحملات، حيث انتشرت مقالات مريبة، معظمها مستقاة من محاضر الشرطة تعدد بالأرقام منسوب الحملات التطهيرية التي تم تنفيذها، وعدد المجرمين الذين تم القبض عليهم، ومستوى خطورتهم والمناطق التي شملتها تلك الحملة. والواقع أن هاته الحملات الموسمية المسماة تطهيرية أظهرت التجارب السابقة أنها لا تجدي نفعا في مدينة مليونية مثل مدينة سلا التي عرفت تزايدا سكانيا مهولا خلال السنوات الأخيرة، وما يتبع دلك من اتساع وتمدد للسكن العشوائي، وبالتالي انتشار مظاهر الانحراف و"الصعلكة". وعلي سبيل المثال لا الحصر، أصبحت أحياء مثل سلا القرية، سلاالمدينة القديمة، سلا واد الدهب (المقلب ب"الواد الخانز")، حي الانبعاث سيدي موسى، بمثابة نقاط سوداء تعد أوكارا للجريمة ومشتلا لتفريخ المجرمين، هناك حيث يسود الانفلات الأمني وتتفاقم الجريمة، بمختلف أنواعها، كما يتداول ذلك أهل سلا في مختلف مجالسهم. كل هذا جعل مدينة سلا رقم واحد على الصعيد الوطني من حيث تفشي نسب الجريمة، ما يثير السؤال إلى حد الدهشة أن مدينة مليونية تعرف بكثرة أحيائها الشعبية لا تستطيع الدولة أن تؤمن لها تغطية أمنية توازي ضخامة كثلتها السكانية وامتداد أحيائها الهامشية، بحيث توفر لها فرق أمنية مجهزة لوجيستيكيا وبأعداد كافية مع زيادة أعداد الدوائر الأمنية في المناطق السوداء، مع إسناد الأمور إلى مسؤولين في الأمن أكفاء يستطيعون وضع خطط أمنية مدروسة تكون كفيلة للحد من تصاعد منسوب الجريمة بالمدينة وتجنيبها الانفلاتات الأمنية المتكررة. هذا ما تنتظره ساكنة مدينة سلا على أحر من الجمر، ولا تنتظر صدور مقالات في بعض اليوميات "المستقلة"، والتي تروج لخطاب "العام الأمني زين في سلا".