تعد أكلة «الرفيسة» من الأطباق الشعبية الأكثر استهلاكا خاصة خلال الأيام المعتدلة الحرارة في المغرب، كما هو الشأن في هذه الأيام التي عادت فيها السماء تمطر من جديد. تحتوي هذه الأكلة على مواد غذائية تساعد الجسم على اكتساب مناعة ضد نزلات البرد. كما أنها تعد أكلة رئيسية للنساء حديثات الولادة، حيث جرت العادة طبقا للتقاليد المغربية على تحضير «الرفيسة» للنفساء لما يتوافر بهذا الطبق من فوائد صحية بسبب مكوناته، مثل خلطة توابل تعرف باسم «رأس الحانوت» أو «المساخن» على اعتبار أنها تسخن الجسم، ولها أهمية كبيرة بالنسبة للنساء، حيث تساعد على تنظيف رحم المرأة حديثة الولادة، ويعتبر «رأس الحانوت» إحدى أشهر خلطات البهارات وأغناها في المغرب العربي. يحضر «رأس الحانوت» بمزج تشكيلة مهمة من التوابل والأعشاب الجافة هي «بسيبسة، زنجبيل، عواد لسان الطير، فلفل أكحل، فلفل أبيض، الكركم، قرفة، قرنفل، كوزة غليظة، عود الفلفل وظهر فلفل البضيان، قاع قلة، حبة حلاوة، النافع، زنجلان، الزعفران الحر، مسكة حرة، الكبابة، الورد الفيلالي». كل هذه التوابل تطحن وتمزج لتصبح مسحوقا يضاف للأكل. وهي أعشاب مفيدة للجسم، كما تساعد المرأة على التماثل بسرعة للشفاء وتخطي الآلام المترتبة عن الولادة. ومن بين مكونات الرفيسة كذلك القطاني، مثل العدس والحلبة والفول وما تحتويه من البروتين النباتي وفوائده الصحية التي توازي فوائد البروتين الحيواني. ولإعداد طبق «الرفيسة» على الطريقة المغربية، يجب تحضير الفطائر أولا أو ما يسميه المغاربة «لمسمن». ومعظم النساء المغربيات يعرفن طريقة تحضيره. وهو يتكون من الدقيق مع قليل من الملح وخميرة. يعجن الدقيق بماء دافئ للحصول على عجين مثل الخبز، متماسك ورطب، ويحول إلى كويرات صغيرة تترك لبعض الوقت، ثم تفرد كل كرة عجين بسطح اليد للحصول على ورقة عجين شفافة، وتتم الاستعانة بخليط الزيت والزبدة المذابة حتى لا تتمزق، ثم تثنى الجوانب للحصول على شكل مربع، وهكذا حتى يتم فرد جميع الكويرات، ثم يسخن زيت في مقلاة، بعدها تطبخ الفطائر بعد فردها باليد ثم توضع في المقلاة وتطبخ من الجهتين، ويستحسن رشها بخليط الزيت والزبدة من حين لآخر. لتحضير المرق لا بد من توافر دجاجة يحتفظ بها كاملة (يستحسن النوع البلدي) وتوضع في طنجرة مع البصل المفروم وقليل من زيت الزيتون والملح والزعفران (كركم) وفلفل أسود وبهارات (رأس الحانوت) وكأس حلبة صغيرة، وكأس عدس كبيرة، وزيت الزيتون، ثم ملح وقليل من السمن، بعدها نضع الدجاجة فوق كل هده البهارات، ونتركها على النار مع تحريكها حتى لا تلتصق، ثم تتم إضافة العدس والحلبة ولترين من الماء، وتترك الخلطة إلى أن تنضج. ولتقديم الوجبة لا بد من صحن عميق توضع به الفطائر، ثم يتم وضع الدجاجة في وسط الفطائر، وبعد ذلك يوضع العدس في جنبات الطبق، ويسقى الكل بالمرق، ويوضع مزيد من المرق في أوان أخرى عند تقديم الطبق لمن يرغب في المزيد منه. تختلف طريقة تحضير الرفيسة في المغرب وتتنوع من منطقة لأخرى، وعلى سبيل المثال في منطقة زعير ضواحي الرباط يحضرون «الرفيسة» باستعمال «الحرشة» عوض الرغيف، كما يضيفون قليلا من الفول لمكونات المرق. وفي كل الأحول تبقى أكلة شعبية تتفق عليها جميع الطبقات في كل أنحاء المغرب، فهي ليست في منطقة معينة، وكل المغاربة يحبونها، خاصة أن تكلفتها في متناول الجميع. وتحضر «الرفيسة» في الصحراء باستعمال الفطير، ويحضرونه بمزج الطحين بالقليل من الماء والملح من دون استعمال الخميرة، ثم يدلك الكل جيدا للحصول على عجينة متماسكة، ثم تقطع على شكل كويرات وتسطح وتوضع في الفرن، وغالبا ما يكون الفرن في الصحراء مصنوعا من الطين، وعندما ينضج الفطير يقطع قطعا صغيرة ويوضع في صحن كبير. بالنسبة للمرق يستعمل الصحراويون لحم الإبل عوض الدجاج، حيث يطهى مع الأعشاب من دون استعمال القطاني ولا البصل، وعندما ينضج يتم رشه على الفطير المقطع. وتعد الرفيسة طبقا عائليا، حيث تحرص ربات البيوت على تحضيره عندما يجتمع الأهل والأصدقاء. وعند زيارة مستشفيات الولادة بالمغرب أول ما يثير الانتباه هو رائحة «الرفيسة» النفاذة، التي تنبعث من غرف النساء حديثات الولادة، وأغلب المغاربة يحضرون لزيارة قريباتهن يحملون معهم طبق «الرفيسة» الذي يرتبط أساسا بهده المناسبة. ويقول الأطباء إن مكونات الرفيسة صحية. وهي تجعل كثيرين يعتقدون أن الأعشاب التي تشتمل عليها تداوي الكثير من العلل.