بهدوء أعصاب، وابتسامة تخفي ألما كبيرا على فقدان منصب رئاسة مقاطعة اسباتة، بالدارالبيضاء، غادر الاستقلالي كريم غلاب، وزير التجهيز والنقل، قاعة الاجتماع، مساء أول أمس الاثنين. بعدما أعلن عن خسارته أمام الدستوري، رضوان المسعودي، ب 12 صوتا، مقابل 8 أصوات. وطيلة مرحلة التصويت، كان غلاب يراقب العملية بحذر كبير، وكان يأمل في أن يعيد أبناء اسباتة والسالمية ثقتهم فيه للمرة الثانية، وأن يسلموه مجددا مفاتيح مقاطعة اسباتة، لكن ظنه خاب، إذ أن إسلاميي حزب العدالة والتنمية في اسباتة أقسموا أن يقطعوا الطريق عليه، وأن يفرشوا الورود أمام الشاب، رضوان المسعودي، الذي كان متيقنا من الفوز على خصمه غلاب، في معركة ظلت مفتوحة على كل التكهنات. واستطاع المسعودي أن يقنع منتخبي العدالة والتنمية وجبهة القوى الديمقراطية بأنه “الوحيد القادر على عقد تصالح بين أبناء اسباتة والسالمية مع مقاطعتهم”. ولم يترك أنصار حزب الاستقلال في اسباتة الفرصة لغلاب ليفكر في مرارة الخسارة، إذ طوقوه بعد مغادرته مقر المقاطعة، مرددين شعار الحزب، ومؤكدين له أن “اسباتة فقدت رجلا، استطاع أن يرفع قيمة هذه المقاطعة بين باقي المقاطعات الأخرى”، وخاطب أحد أنصار حزب الاستقلال غلاب قائلا “الله فكك من هاذ المنطقة”. وبينما كان منتخبو مقاطعة اسباتة مستمرين في انتخاب النواب، حمل غلاب فوق أكتاف أنصاره، في منظر يوحي بأنه الفائز بمنصب الرئاسة، ما جعل أحد الاستقلاليين يقول غاضبا “هادوك اللي معاه هوما اللي خرجوا عليه، راه اللائحة ديالو كانت مثقوبة، راجل مزيان ولكن اللي دايرين به ما كانوش في المستوى”. كانت الساعة، في تلك اللحظة، تشير إلى السابعة مساء، وكل شيء انتهى بالنسبة لغلاب في هذه المنطقة، واصطدم الحلم بإعادة الكرة من جديد برغبة قوية من قبل خصومه في قطع الطريق أمامه، ما جعله يستسلم، ويودع اسباتة، التي قدم إليها قبل 6 سنوات، فوق الأكتاف، وودعها فوق الأكتاف. صحيح أن غلاب ما زال يحمل صفة مستشار بالمقاطعة، ومازال برلمانيا يمثلها في مجلس النواب، ولكن الصحيح أيضا أنه فقد منصبا كان سيشكل له دفعة قوية لمواجهة خصومه السياسيين، إن هو أراد الحفاظ على مقعده في البرلمان في عمالة مقاطعات ابن امسيك. وإذا كان مسار غلاب انتهى كرئيس لمقاطعة اسباتة، فإن الحياة فتحت أبوابها أمام الفائز رضوان المسعودي، الذي كان يتابع انتخاب نوابه بحذر شديد، خوفا من وقوع مفاجأة تجعل علاقته بالعدالة والتنمية متوترة في بدايتها، سيما أن بعض الأعضاء عبروا له، خلسة، عن رغبتهم في الترشح لأحد المناصب، وكان طيلة هذه الفترة قلقا، إلا أن كل شيء مر كما كان يشتهي المسعودي. واستطاع محمد الكرموطي، عن جبهة القوى الديمقراطية، وواحد ممن شنوا حملة لعدم عودة غلاب لرئاسة المقاطعة، أن يتقلد مهمة النائب الأول، فيما فاز سعيد الكشاني (العدالة والتنمية)، بمنصب النائب الثاني، وتمكنت زميلته في الحزب، خديجة بيروك، من تقلد منصب النائب الثالث، أما النائب الرابع، فكان من نصيب حميد أمزا، عن جبهة القوى الديمقراطية. كما عرفت الجلسة اختيار رؤساء اللجان، إذ انتخب، على التوالي، محمد النواسي (الاتحاد الدستوري) رئيسا للجنة الشؤون المالية والاقتصادية والاجتماعية، وعزيز بن زكري رئيسا للجنة التعمير والبيئة، أما منصب كاتب المجلس، فكان من نصيب محمد الكميش. ومباشرة بعد نهاية انتخاب رئيس مقاطعة اسباتة، بعث المسعودي رسالة إلى وزير التجهيز ورئيس مقاطعة اسباتة سابقا، تضمنت تصريحاته الصحية إلى ممثلي الجرائد الوطنية، مؤكدا له أن اسباتة “ما زالت في حاجة إلى طاقة من قيمة غلاب، باعتباره يمثل المنطقة في مجلس النواب”، وأضاف أن “المرحلة المقبلة ستكون مبنية على الديمقراطية التشاركية، إذ سيكون جميع المواطنين معنيين بصفة مباشرة بتسيير المقاطعة، ولا يقتصر ذلك على جهة دون أخرى”، وأضاف “ما زلنا في حاجة إلى غلاب، لأننا في حاجة إلى كل الطاقات الخلاقة، للمساهمة في تنمية هذه المقاطعة”. “داها وداها، والله ما خلاها”، “باي باي غلاب، باي باي”، من بين مجموعة من أهازيج رفعها أنصار المسعودي فرحا بما اعتبروه نصرا مبينا لهم، فيما ظل المتعاطفون مع غلاب يراقبون ما يجري عن بعد، وقلوبهم تعتصر حزنا على فقدان غلاب لمنصب، يعتقدون أنه الأصلح له.