يبدأ عرض فيلم “الجنس والمدينة 2′′ بدءا من الخميس 27-5-2010 في مئات صالات السينما بالولاياتالمتحدة، ومنها فيما بعد إلى صالات دول أخرى في 5 قارات، ما عدا الدولة التي يزعم الفيلم أن أهم أحداثه جرت في عاصمتها، وهي الإمارات العربية المتحدة التي قررت منعه، مع أنه يروّج لمناخها السياحي وإيجابياتها الاقتصادية بإبراز ما فيها من رفاهية تسيل اللعاب. منعت أبو ظبي تصوير الفيلم في أراضيها، وكذلك قررت منع عرضه في صالاتها، كما فعلت دبي، لأنه حميم ويسخر من البرقع وفيه مشاهد وحوارات توحي بما لا يقبله الذوق الإسلامي العام، لذلك لا يتوقعون السماح بعرضه في معظم دول المنطقة التي لم تسمح بعرض قسمه الأول قبل عامين، برغم أن تصوير الثاني تم في مراكش، حيث واجه احتجاجات شعبية مرفقة أحيانا بحذر رسمي، كي لا تتحول “المدينة الحمراء” كما يلقبها المغاربة إلى اسم على مسمى من شدة الحياء. قصة الفيلم والفيلم هو من إنتاج قناة “إتش.بي.أو” التلفزيونية الأميركية، وهو الثاني بعد آخر بالعنوان نفسه تم انتاجه في 2008 وحقق نجاحا بإيرادات بلغت 415 مليون دولار، مع أن تكاليفه لم تزد وقتها على 65 مليونا، وهو فيلم مقتبس من مسلسل للقناة اشتهر بالاسم نفسه أيضا طوال عرضه من 1988 إلى 2003 عن قصة حياة 4 سيدات من نيويورك تتوزع كل حلقة لتحكي أسرارهن العاطفية والجنسية بأسلوب كوميدي، لكنه في الفيلم أسلوب جريئ الحوار، ساخن اللقطات، وحميم الموحيات التي قد توسوس في المزاج الغريزي غير المهيأ والمحصن فتحدث فيه اختراقات يقع صاحبه معها في المحظور. قصة الفيلم، بجزئه الثاني، عادية جدا لمن يقرأ عنه في موقعه على الانترنت، وهي تبدأ بانتقال السيدات الأربع من نيويورك لقضاء عطلة لأسبوع في الشرق الأوسط، وبالذات في أبو ظبي، حيث تحاول الشخصية الرئيسية، كاري برادشو، التي تقوم بدورها الممثلة الأميركية سارة جيسيكا باركر، وكذلك زميلاتها: سامنثا وميراندا وتشارلوت، ممن تقوم بأدوارهن الممثلات: كيم كاترال وكريستن ديفيز وسينثيا نيكسون، التصرف بحشمة في عاصمة الإمارات، تماشيا مع عادات خامس منتج للنفط في العالم. لكن الطبع الغربي يغلب التطبع الشرقي دائما، فيفشلن جميعا في بعض الأحيان، وتحدث بلبلات وارتباكات ويتعرضن لمواقف محرجة، كالتي واجهتها “سامنثا” حين كانت ترغب بالتقبيل علنا على مرأى من عيون عربية كانت تجحظ بالغيظ من محاولاتها. وفي مشهد آخر من الفيلم تسخر السائحات في عاصمة الإمارات وبواديها من نساء رأينهن مرتديات للبرقع. كما يتساءلن في مشهد آخر عما اذا كان أحد الخدم العاملين في موقع سياحي هو مثلي الجنس، وكله مع حوارات حميمة وجريئة تخدش وتجرح “وهي حوارات وتصرفات عادية بالنسبة لهن، سواء كن في نيويورك أو أبو ظبي” وفق تعبير مخرج الفيلم، مايكل باتريك كينغ، حين تحدث الأسبوع الماضي إلى إحدى وكالات الأنباء عن فيلمه الذي اضطر للانتقال إلى مراكش لتصويره فيها على أنها أبو ظبي بعد أن رفضت الإمارات السماح له بتصويره في عاصمتها، كما فعلت من قبلها دبي. الفعل لمراكش والسمعة لأبو ظبي رفضت دبي أن تكون مسرحا لتصوير أحداث الفيلم فيها بسبب ورود كلمة “جنس” في عنوانه بشكل خاص، بحسب ما تناقلته صحف الإمارة نقلا عن مسؤوليها، وهي ما يصعب تغييره لأن “الجنس والمدينة 2′′ مكمل لسابقه، كما أنه استمرار سينمائي لمسلسل تلفزيوني دام 15 سنة شهيرا بالاسم نفسه، وللسبب نفسه رفضته أبو ظبي أيضا. وجاء الرفض من هيئة حكومية أطلعت على السيناريو الذي أحالته إليها سلطات “مدينة دبي للاستوديوهات” لمراجعته. ومع أنها أخذت بعين الاعتبار التعدد الثقافي بالامارة، الا أن ردها جاء بعد 6 أشهر قاطعا: “عطفا على توصيات الهيئة الحكومية المختصة فقد رفض طلب التصوير” على حد ما ورد في بيان أصدرته وتضمن الحيثيات والموجبات، وفيه حذرت منتجي الفيلم بأن لا يتضمن ما يوحي بأن المدينة التي تزورها الصديقات الأربع لقضاء العطلة هي أبو ظبي، اذا ما تم تصويره في سواها. لكن مشاهد الفيلم بدءا من الخميس المقبل سيعتقد أن أحداثه جرت في العاصمة الاماراتية، فكان الفعل لمراكش والسمعة لأبو ظبي. ولم ير القيمون على الفيلم حلا عند الرفض الاماراتي سوى مراكش، بعد أن سمحت السلطات المغربية بتصويره فيها، مشترطة أن لا تتضح هوية المدينة الحقيقية لمشاهديه، فحافظ المخرج على السيناريو الأساسي وجرت أحداث الفيلم في “المدينة الحمراء” التي بدت فيه وكأنها أبو ظبي بعمرانها العصري وباديتها لمن لا يعرف مراكش في المغرب الذي ما أن بدأ فيه التصوير بأغسطس (آب) حتى امتد إلى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، بعد أن كان مقررا أن يستغرق خارج الولاياتالمتحدة 13 يوما فقط، وكله بسبب احتجاجات على ما تم اعتباره استفزازا للمشاعر. النجمات الأربعة تخطين الأربعين صحيفة “هسبرس” المغربية على الانترنت لخصت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أن “العاصمة الحمراء” ليست معتادة على تصوير فيلم بعنوان “الجنس والمدينة” لأنه استفزازي. وقالت إن السكان “لاحظوا بكثير من القلق ما أقدم عليه منتجو الفيلم حين حولوا مرحاضا إلى ما يشبه مسجدا لتصوير إحدى اللقطات، وأيضا وجود تقنيين غير مسلمين فوق سطح مسجد الزاوية مع عتاد كبير من آليات التصوير”. أما “أخبار المغرب العربي” فأوردت في يوليو (تموز) الماضي أيضا “عن مصادر مطلعة” أن لجنة مختلطة، شعبية وحكومية ومن العاملين في الفيلم، زارت قبل أيام موقع تصوير “الجنس والمدينة2′′ نتيجة نشر أخبار عن تضمنه لقطات مخلة بالحياء تصل إلى حد الإباحية”. كما زعم أحد منتجيه لوسائل اعلام محلية أن الفيلم “رفض تصويره بدبي لأنهم طلبوا مبالغ ضخمة، لكن مصادر خليجية أكدت أن الرفض جاء بسبب عنوانه ولأنه يعبث بالمدينة وبتراثها” طبقا لما قالته “أخبار المغرب العربي” في تحقيقها. ومع أن “الجنس والمدينة 2′′ يوحي بأنه صارخ، الا أن أعمار نجماته فوق الأربعين، فكريستن ديفيز عمرها 45 سنة وسينثيا نيكسون تصغرها بعام. ويوم الأحد الماضي أعلنت كيم كاترال، المتعطشة في الفيلم للرجال، عن أنها لن تظهر عارية بأي من أفلامها المقبلة لأنها ستبلغ 54 سنة من العمر بعد 3 أشهر، مضيفة أنها لم تظهر عارية تماما في أي فيلم “بل كنت دائما مغطاة بمنشفة أو ما شابه” وفق ما نقل عن لسانها موقع “أكسيس هوليوود” الأميركي على الانترنت. أما أهم نجمات الفيلم، وهي سارة باركر البالغ عمرها 45 سنة، فكانت تسلمت العام الماضي أسوأ هدية: أبلغوها أن الخيار وقع عليها لنيل لقب “أقل نساء العالم اثارة” بعد استطلاع أجرته مجلة “مكسيم” بين قرائها من الرجال. وهكذا فان فيلم “الجنس والمدينة 2′′ الذي قد يحدث بلبلة في المنطقة العربية قام على ما خدع به مشاهديه قبل أن يبدأ، فجعل من مراكش أبو ظبي ومن كبيرات في السن ملكات أغراء.