وصف وفد الإنابة القضائية الإسباني المعلومات التي حصل عليها من اعترافات المغربي محمد بلحاج، المرحَّل أخيرا من سورية، على خلفية صلته المفترضة بتفجيرات مدريد الإرهابية عام 2004، بالمهمة، على الرغم من أن المستجوب رفض تمكين المحققين الإسبان الذين استمعوا إليه لمدة خمس ساعات، في محكمة الاستئناف بمدينة سلا المجاورة للرباط، أول من أمس، من عيّنات من لعابه لمعرفة فصيلة الحمض النووي، ومطابقتها بالبيانات المتعلقة به والتي يتوفر عليها الأمن الإسباني، لكن هذا الأخير قلل من قيمة رفضه كونه يتوفر على معطيات استقاها من فحص الحمض النووي لأفراد من أقارب بلحاج، ما يعني أن امتناعه عن التعاون مع المحققين الإسبان، ليس من طبيعته عرقلة التحريات الجارية لتحديد الدور الحقيقي الذي قام به بلحاج في أحداث مدريد حيث يتهم بأنه اكترى في اسمه الشقة التي فجر بها الانتحاريون السبعة أنفسهم في حي ليغانيس بالعاصمة الإسبانية. وكان وفد الإنابة القضائية الإسبانية الذي ترأّسه قاضي المحكمة الوطنية إيلوي فيلاسكو، الذي أنهى مهمته في المغرب، وجّه إلى المتهم بلحاج نحو 100 سؤال امتدت على مدى خمس ساعات، لم يجب عنها كلها، كما عُرضت عليه صور لأشخاص يفترض أنه يعرفهم أو كان على صلة بهم، لكن أجواء الاستنطاق مرت في ظروف عادية. وكشفت العناصر الأولية للتحقيق أن بلحاج، الذي فر من إسبانيا، مر قبل الاستقرار في سورية بعدة دول من بينها بلجيكا وهولندا وإيطاليا واليونان وألمانيا وتركيا، أنه قضى بالسجون السورية قرابة 22 شهرا، بينما ساد الاعتقاد في وقت من الأوقات بعد أن انقطعت آثاره، أنه لقي حتفه في العراق في إحدى المعارك التي خاضها ضد القوات الأجنبية التي احتلت العراق. إلى ذلك، يتوجه غدا إلى العاصمة الإسبانية عبد القادر الشنتوف قاضي التحقيق المغربي المكلف ملفات الإرهاب الذي استقبل في مكتبه أول من أمس وفد الإنابة القضائية الإسباني برئاسة نظيره فيلاسكو. وطلب القاضي المغربي من السلطات القضائية الإسبانية، تمكينه من الاستماع، في إطار إنابة قضائية مماثلة، إلى معتقلين في إسبانيا على خلفية نشاطات إرهابية قد تكون لها صلة بما وقع في المغرب، قصد إضاءة جوانب ما زالت غامضة في ملفات الإرهاب التي نظرت فيها العدالة المغربية أو تلك التي تنتظر صدور أحكام. ويُستفاد من المصادر الإسبانية أن القضاء بها سيوجه في الأيام المقبلة التهم التي سيحاكم بموجبها محمد بلحاج، في بلده، على اعتبار أن القانون المغربي لا يسمح بترحيل مواطنين ومحاكمتهم في بلد أجنبي. وقبلت إسبانيا وكذا عائلات ضحايا تفجيرات مدريد، أن يتولى القضاء المغربي إجراء المحاكمة، حتى لا يفلت من العقاب.