عزز الجناح المحافظ داخل الاخوان المسلمين سيطرته على الجماعة مع اعلان تعيين احد ممثليه المرشد العام الثامن للحركة التي تعد قوة المعارضة الاولى في مصر. ويحل محمد بديع محل محمد مهدي عاكف، احد اقطاب “الحرس القديم للاخوان”، الذي التزم بذلك بالعهد الذي اخذه على نفسه بأن يتولى منصب المرشد العام لولاية واحدة (6 سنوات) فقط. واعلن عاكف في مؤتمر صحفي عقده في مقر الكتلة البرلمانية لجماعة الاخوان اختيار محمد بديع مرشدا عاما “بالتأييد والاجماع الكاملين لجميع اعضاء مجلس الشورى العام” للجماعة الذي يضم اكثر من 300 عضو. وفي كلمة القاها خلال المؤتمر الصحفي بمناسبة توليه مهامه، حرص بديع على ان يبعث برسائل تهدئة وتطمين الى النظام المصري والاقباط والى قوى المعارضة الاخرى. وقال “اننا نؤمن بالتدرج في الاصلاح وان ذلك لا يتم الا باسلوب سلمي ونضال دستوري قائم على الاقناع والحوار وعدم الاكراه، لذلك نرفض العنف وندينه بكل اشكاله، سواء من جانب الحكومات او الافراد او المجموعات او المؤسسات”. واضاف “اما موقفنا من الانظمة القائمة في بلادنا، فنحن نؤكد ان الاخوان لم يكونوا في يوم من الايام خصوما لها وان كان بعضها دائم التضييق عليهم” مشيرا الى ان الاخوان مع ذلك “لا يتأخرون في توجيه النصائح وتقديم الاقتراحات للخروج من الازمات المتلاحقة التي تتعرض لها بلادنا ويربون ابناء وبنات الامة على الاخلاق والفضائل والنفع للغير”. واكد ان الاخوان المسلمين يرون ان “نظام الحكم يجب ان يحافظ على الحريات الشخصية والشورى او الديموقراطية والفصل بين السلطات”. وقال “اما اخواننا المسيحيون في مصر والعالم العربي والاسلامي فموقفنا منهم واضح تمام الوضوح فهم شركاؤنا في الوطن وبناء حضارته وزملاؤنا في الدفاع عنه ورفقاؤنا في تنميته والنهوض به”. وتابع “يرى الاخوان ان المواطنة اساسها المشاركة الكاملة والمساواة في الحقوق والواجبات مع بقاء المسائل الخاصة كالاحوال الشخصية لكل حسب شرعته ومنهجه”. واكد بديع ان الاخوان “يدينون ويرفضون بكل قوة” العنف الطائفي الذي عبر عن نفسه في السادس من كانون الثاني/يناير الماضي في هجوم اودى بحياة ستة من الاقباط في مدينة نجع حمادي بصعيد مصر عشية احتفالهم بعيد الميلاد. وتجنب بديع الاشارة الى موقف الجماعة الرافض لتولى مواطن قبطي او امرأة رئاسة الجمهورية في مصر وهو الموقف الذي يثير انتقادات واسعة من قبل القوى السياسية الاخرى. وسجن محمد بديع مرتين الاولى عام 1964 لمدة تسع سنوات والثانية في العام 1999 لمدة اربع سنوات تقريبا. ويعمل المرشد العام الجديد، الذي ولد عام 1943 في مدينة المحلة بدلتا النيل، استاذا متفرغا بكلية الطب البيطري بجامعة بني سويف. وقد شهدت الجماعة التي اسسها حسن البنا في العام 1928 خلافات داخلية خلال الشهور الاخيرة حول الاستراتيجية التي يتعين عليها تبنيها. وانعكست هذه الخلافات في استبعاد نائب المرشد السابق محمد حبيب والقيادي البارز الممثل للتيار الاصلاحي عبد المنعم ابو الفتوح من مكتب ارشاد الجماعة في كانون الاول/ديسمبر الماضي. وتغيب حبيب وابو الفتوح عن المؤتمر الصحفي السبت. ورغم ان بديع اكد ان الجماعة ستواصل العمل البرلماني والنقابي والاهلي، الا ان تعزيز سيطرة الجناح المحافظ قد يؤدي، وفقا للمحللين، الى مشاركة اقل للاخوان في العمل السياسي. ويقول عبد المنعم محمود وهو صحفي مقرب من الاخوان انه مع محمد بديع المسؤول حاليا في الجماعة عن التربية الايديولوجية فان “الاخوان يريدون التركيز اكثر على التربية والعمل التنظيمي والاهتمام اقل بالعمل السياسي”. ويرى ضياء رشوان الخبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان “الجماعة ستولي اهتماما اقل بالعمل العام وتركيزا اكبر على العمل الايديولوجي”. وقال بديع السبت ان “الاصل في موقف الاخوان من الانظمة انهم يؤيدون الحسن ويعارضون السئ ومن ثم فهم لا يعارضون لمجرد المعارضة”. يذكر ان جماعة الاخوان محظورة رسميا في مصر منذ العام 1954 لكنها تمارس نشاطها بشكل علني وان كانت تتعرض لضربات امنية اجهاضية من حين لاخر. وكان الاخوان حققوا اختراقا تاريخيا في العام 2005 بفوزهم ب20% من مقاعد مجلس الشعب في الانتخابات البرلمانية.