ساهم الناقد عبد الرحيم العلام في ملتقى القاهرة الدولي للقصة العربية القصيرة، الذي يلتئم حاليا بالقاهرة، بموضوع تحولات الكتابة القصصية النسائية الجديدة بالمغرب انطلاقا من صدور أول مجموعة للأديبة خناثة بنونة “ليسقط الصمت” إلى قصص ربيعة ريحان ووصولا إلى ظهور جيل القاصات المنتصرات للقصة القصيرة جدا. واعتبر عبد الرحيم العلام أن مرحلة البداية (الرائدات) من تاريخ الكتابة النسائية في مجال القصة القصيرة، والتي امتدت إلى مشارف التسعينيات، تميزت بالاتجاه الواقعي وطغيان تيمة ثنائية المرأة والرجل وقضايا الحرية والوطن قبل أن تأتي “مرحلة الامتداد والتجديد” (التسعينيات) بمنظورات وتصورات جديدة، أوسع من سابقاتها. ومن سمات هذه المرحلة خفوت الخطاب والصوت الاجتماعيين ليفسحا المجال أمام الصوت والخطاب الذاتيين دون أن يعني ذلك انقطاعا عن الواقع. أما التحول الثالث في مسار القصة القصيرة النسائية بالمغرب فهو، حسب العلام، ذلك الذي تمثله “الكتابة الشابة” الحالية حيث سجل الجيل الجديد “علامة متميزة” في المشهد القصصي وتمكنت قاصات من ترسيخ أقدامهن في مجال القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا في مدة قصيرة (لطيفة البصير، مليكة نجيب، فاطمة بوزيان، رجاء الطالبي...). وبالنسبة لعبد الرحيم العلام فإن مرحلة التسعينات، وخلافا لمرحلة الرائدات ومرحلة الكتابة الشابة التي لازالت مستمرة، هي التي شهدت ما وصفه ب” التحول الفعلي” في الكتابة القصصية النسائية المغربية بالنظر إلى أن هذه الفترة عرفت “تراكما تصاعديا” في الإبداع القصصي وبروز تجارب جديدة لها حضور فاعل ومؤثر خصوصا مع ارتمائها في أحضان الحداثة. وقارب الباحث المغربي “مرحلة الامتداد والتجديد” هذه من خلال كتابات القاصة المغربية ربيعة ريحان بالخصوص بالنظر للتراكم الإبداعي الذي حققته الكاتبة (ست مجاميع قصصية) وبالنظر ايضا لكون نصوصها أثارت اهتمام النقاد في المغرب وخارجه. فقد شكلت نصوص ربيعة ريحان، يضيف الناقد، نقلة نوعية في توليد الدلالات وصوغ المتخيل القصصي مما جعلها تشكل “نموذجا قصصيا نسائيا مغربيا جديدا” وهو ما لا يعني ان الكاتبة المغربية كانت تبدع خارج ما هو سائد. وأضاف العلام أن ربيعة ريحان تعكس بكل جرأة وإبداعية جوانب من المسار التطوري والمتحول للكتابة القصصية النسائية الجديدة في المغرب بأسئلته المغايرة وبمفهومه المختلف للكتابة القصصية. أما عن التيمات التي تناولتها القصص القصيرة لربيعة ريحان، فقد تنوعت ما بين الذات والطفولة والذكورة والجسد والمرأة والمكان وغيرها. وهي ثيمات تتداخل مع أخرى مجاورة لا تقل أهمية. كما توقف العلام عند أهم الخصائص الأسلوبية والبنائية التي ميزت هذه التجربة القصصية “المنفلتة” في نشدانها للحداثة والمغايرة سواء في توسلها بالجرأة في الكتابة والبوح وارتياد عالم الذكورة، أو في صوغها للغة قصصية جديدة أو في استخدامها وتوظيفها للعديد من تقنيات السرد. وحرص الناقد المغربي، وهو يرصد تحولات الكتابة القصصية النسائية المغربية، على أن يؤكد أن الأمر لا يتعلق بمفاضلة بين جيل وآخر أو بين تجربة وأخرى بل بمجرد رصد لتحولات مفصلية في القصة القصيرة النسائية بالمغرب والتي لا يتجاوز عمرها أربعة عقود.