صورة غير مشرفة للرياضة الوطنية، تلك التي طافت، الأربعاء الماضي، جميع أقطار العالم، وشاهدها الملايين عبر قناة “الجزيرة الرياضية” غير المشفرة. وظهر فيها بطل مغربي في ألعاب القوى، يبلغ حوالي السابعة والعشرين من العمر، يتحدر من ضواحي الدارالبيضاء، وهو يقدم نداء للمحسنين في العالم، من أجل مساعدته على علاج ابنته، التي تعاني إعاقة يمكن وصفها ب”الشاملة”، فهي بكماء، وصماء، ومكفوفة، ومشلولة الأطراف، اسمها “هند”، والسبب في معاناتها خطأ طبي. الربورتاج الذي أنجزه مراسل القناة بالمغرب، لخضر النوالي، كان مؤثرا، ووصل بسرعة إلى قلوب من شاهدوا برنامج “المساء الرياضي”، ليوم الأربعاء الماضي، سيما أن بثه تزامن مع دخول العشر الأواخر من شهر رمضان، التي يتهافت فيها المسلمون على فعل الخير والإحسان. ظهر البطل المغربي في الربورتاج، الذي دام حوالي 7 دقائق، في حالة تثير الشفقة، فقد رافقته كاميرا القناة إلى داخل بيته القصديري، في عين حرودة، بضواحي العاصمة الاقتصادية، وصوّرته رفقة ابنته المشلولة، التي لم تكف عن البكاء، قبل أن تنتقل الكاميرا إلى فضاء “الكاريان”، الذي يقطنه العداء المغربي، حيث ظهر أطفال بملابس رثة، يصرخون ويركضون في كل اتجاه. بعد ذلك، صورت كاميرا القناة البطل المغربي وهو يتدرب في حلبة مُتربة، بملعب عين حرودة. هذا البطل، الذي ظهرت صورته على شاشة “الجزيرة الرياضية”، وهو يحاول كفكفة دموع الفقر والإحساس بالضيم، ليس سوى العداء الدولي عزيز القيسوني، الذي سبق أن صرح أكثر من مرة أنه مستعد لبيع إحدى كليتيه، لتوفير المال الكافي لمعالجة فلذة كبده، هند، التي لا يتجاوز عمرها خمس سنوات. يتوفر قيسوني على لياقة بدنية عالية، أهلته لاحتلال المركز الخامس في ماراتون تونس الدولي سنة 2004، والسادس في ماراتون الدارالبيضاء سنة 2006، والعاشر في ماراتون إسطنبول الدولي، في تركيا، كما حقق، السنة الماضية، توقيت ساعتين و18 دقيقة، في ماراتون مراكش الدولي. كل هذه المؤهلات يمكن أن تضيع من ابن عين حرودة، ومن المغرب عموما، إذا استمر قيسوني في قتلها في أوراش البناء، حيث يشتغل بين الفينة والأخرى لسد حاجيات أسرته الفقيرة. ظروف عزيز القيسوني هي أقسى بكثير من تلك التي دفعت رشيد رمزي، البطل العالمي في مسافة 1500 متر، إلى مغادرة المغرب وحمل الجنسية البحرينية، بل إن ظروفه أكثر مرارة من تلك التي دفعت، ذات يوم من سنة 2004، مواطنه محمد لمدسم، إلى الهروب من مدينته سيدي إيفني، إلى إسبانيا، التي يحمل حاليا جنسيتها، ومثلها في سباق 10.000 متر في أولمبياد بكين الأخيرة. وحتى الظروف الصعبة التي عجلت سنة 1992 بتخلي العداء العالمي خالد الخنوشي عن جنسيته الأصلية، مفضلا الدفاع عن راية الولاياتالمتحدة، تهون أمام ما يقاسيه عزيز قيسوني في “برّاكة”، في بلدة عين حرودة، المرمية على أطراف الدارالبيضاء العملاقة، دون أن يتلقى أي مساعدة من طرف المسؤولين عن الرياضة في بلد سعيد عويطة، ونوال المتوكل، ونزهة بيدوان، وهشام الكروج.