أذاعت قناة الجزيرة أمس الاثنين نشرة الحصاد المغاربي من نواكشوط، وهي خطوة مثيرة للمغاربة على اعتبار أن المغرب شكل مقرا للقناة الخليجية في المنطقة المغاربية لمدة أشهر عديدة، لكن مجموعة من الأحداث عجلت برحيل القناة الأكثر مشاهدة في العالم العربي من الرباط. الاهتمام المتزايد بالحركة الإسلامية المغربية، والتنقيب في ملفات سنوات الرصاص، والقصر الملكي وملف الصحراء. وقد كان لتصريحات هيكل في البرنامج المسمي باسمه حول الملك الحسن الثاني رحمه الله، تداعيات كبيرة على علاقة الدولة المغربية بالقناة القطربة، لكن استضافة القناة للأستاذ عبد الهادي بوطالب مستشار الملك الراحل في برنامج بلا حدود خفف من حدة التوتر. أحداث سيدي إفني كانت هي القشة التي قصمت ظهر البعير، فمباشرة بعد اندلاع الأحداث نقل تلفزيون الجزيرة عن جمعية حقوقية مغربية خبر مقتل أحد المتظاهرين على يد رجال الأمن، لكن الدولة المغربية التي نفت مقتل أي من سكان سيدي إفني، اتهمت الجزيرة بالترويج لأخبار كاذبة، ورفعت علبها دعوة قضائية انتهت بمحاكمة مدير مكتب القناة في الرباط حسن الراشيدي. وأعقب ذلك وقف البث المباشر لنشرة الحصاد المغاربي من الرباط. وكانت القناة بعد ذلك قد أبدت رغبتها – في حال استحالة التفاوض مع المسؤولين المغاربة في بث النشرة من الديار الإسبانية. قبل بضعة أسابيع نقل موقع وزارة الاتصال المغربية أن مسؤولين مغاربة استدعوا ممثلين عن قناة الجزيرة لأمر هام، أعتقد أنه لم يعلن عنه في حينه، لكن حدسي الشخصي يقول بأن الاستدعاء جاء على خلفية برنامج بلا حدود الذي استضاف مؤخرا السيد أحمد المرزوقي أحد الناجين من سجن تازمامرت الذي كان يضم المتهمين بالمحاولة الانقلابية على عهد الحسن الثاني. فهل يعني أن بث النشرة المغاربية من موريطانيا التي لازالت حديثة عهد بالانقلاب العسكري، هو بداية تعامل مع الجزيرة قصد تلميع صورة النظام الجديد، وإظهاره بصورة نظام يدعم حرية التعبير؟ قد بكون ذلك حقا. لكن الخبر اليقين أن المغرب قد فقد الكثير من النقاط لحساب جاره الجنوبي، وفشل في استضافة أكبر شبكة إخبارية في العالم العربي على أرضه.