مند تأسيسها في سبعينيات القرن الماضي والصراع الخفي مستمر والمعلن أحيانا ضد الدولة المغربية والنظام الحاكم، فقد عودتنا جماعة العدل والإحسان على إصرارها بالعمل والنشاط خارج الفضاء السياسي الرسمي من أجل استجلاب الشباب المغربي خاصة المتدين الاسلامي والمتحمس والساخط على السلطة، والذي يرى أنّ سقف الأحزاب والجمعيات التقليدية لا يلبّي طموحاته وأشواقه. هذه الاستراتيجية تستخدمها الجماعة من أجل توضيح الفرق بينها وبين المنافس الإسلامي الآخر، حركة التوحيد والإصلاح. في الوقت نفسه فإن الجماعة لم تنعزل نهائيًّا عن الشأن العام، إذ بقيت حاضرة من خلال مشاركتها في الاحتجاجات الاجتماعية ضد البطالة وغلاء الأسعار وغيرها، كان أبرزها في المظاهرات المتضامنة مع حراك الرّيف وغيرها من المواقف التي عبرت عنها الجماعة من خلال مريديها وشيوخها وإعلامييها المتوزعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. حتى “قلنا لاباس”… نعم في زمن كورونا اتضح لنا جميعا كيف جعل انتشار هذا الفيروس من المغاربة قوة واتحاد وتوافق في الرأي والانصياع التام للتعليمات الصادرة من السلطات وكيف تعامل عاهل البلاد الملك محمد السادس مع الوضع وأمر بإجراءات وتدابير فضلت الشعب على الاقتصاد وهو ما جعل الجميع يلتف وراءه ويقدم الشكر والامتنان لهذه الاجراءات سواء من داخل المغرب وخارجه، حيث عبرت دول كنا نراها بأعيننا التي غطاها ضباب العولمة والاعلام قوية لا تقهر حتى أصبحنا نسمع ونرى كيف تشيد وتطلب من حكوماتها بالاقتداء بملك المغرب. نعم حتى قلنا لاباس…حتى اقتحمت كعادتها “جماعة من الناس”، المشهد وتركب الأمواج تارة بالاحتجاج وتارة أخرى كالوسواس الخناس، فبعد اعلانها توقيف أنشطتها ولقاءاتها بسبب فيروس كورونا المستجد ودعوتها لأتباعها بالأخذ بتوجيهات ونصائح أهل الاختصاص من وزارة الصحة ووزارة الداخلية، اعتقدنا بل وأحسسنا جميعا أن زمن كورونا ليس كباقي الأزمان سيوحد ويجمع ويصالح كل مختلف ومخالف وحاقد على الوطن وعلى السلطة وعلى النظام ونعلن ميلاد مغرب جديد تتوحد صفوفه عند الأزمات وتطوي كل الخلافات” .حتى قلنا لاباس ورجعتي الله يحد الباس” مثل شعبي مغربي أحببنا أن نبدأ به مقالنا هذا حتى يتسنى للشعب المغربي القارئ لهذا المقال أن يفهم مضمونه دون أن نثقله بأسطر وكلمات فضفاضة، بل أردنا أن نضعه في سياق ما يحدث وأن يكون حذرا يقظا ضد ما تروج له بعض الأيادي الخفية للانقضاض في أي مناسبة أو أزمة لزرع الفتنة وزعزعة الاستقرار في هذا الوطن الذي يبقى صامدا رغم النكبات . ورجعتي الله احد الباس… قديما قال المغاربة "إذا لم تنفعنا بشيء فساعدنا بسكوتك". ففي الوقت الذي شكّل فيه المغاربة قاطبة، جبهة موحدة ضد فيروس كورونا، واختارت طليعة من المجتمع أن تكون في الصف الأمامي للمواجهة، وبقي الآخرون في بيوتهم كنوع من "المقاومة الصامتة"، وفي وقت غير مطلوب منا أي صنف من التضحية سوى ادخار ما يقيم أودنا ولو على سبيل اقتصاد الندرة وإحكام مفتاح البيت ولا نخرج إلا للضرورة القصوى، اختار قادة الجماعة "الجهاد الالكتروني" ضد الجميع . وبما أن الجماعة عقائديا تنتمي للسلفية، رغم اختفاء زعيمها الذي رحل وتركها تتخبط بحثا عن قائد جديد رغم تواجد نجلته التي لم تستطع أخد مشعل أبيها الذي تطفئه الحقيقة والحق، نراها اليوم غارقة في "القدرية" حيث اعتبرت "فيروس كورونا" جنود من جند الله يعاقب به العصاة من البشر، وهو تفسير يؤول كلام الله لغايتهم ، لأنه لا أحد يعلم بما يعاقب به الله عباده، ولم يتحدث أحد منهم عن التطور الطبيعي للفيروسات واكتسابه المناعة من الطبيعة مثلما تكتسب الخلية الآدمية المناعة من مواجهة الفيروسات. ورجعتي الله احد الباس… الجماعة عادت بتبخيس عمل جنود الجهاد العملي على أرض الواقع، من هيئة أطباء وممرضين وأطر إسعافية وعناصر أمن ودرك وقوات عمومية ورجال سلطة. كل هؤلاء بشر مثلنا وقد يصدر من بعضهم أخطاء. ورأينا كيف تمت معاقبة من أخطأ منهم وخرج عن القانون أثناء تنفيذ قانون الطوارئ الصحية. حالة هنا أو هناك لا تعني سياسة عامة للدولة…. ” الجهاد الرقمي” إن صح الوصف وكشف التعبير.. الجماعة بدأ قياديوها يتصيدون بضع حالات بسيطة ليعتبروها مشروعا للسلطة، فتقصير طبيب في مكان ما لا يعني أن الخطة العلاجية لجائحة كورونا فاشلة، في الوقت اعترف أجانب قبل المغاربة بأنهم تلقوا عناية ورعاية جيدة. سيدة فرنسية بأكادير ومتعافى فرنسي أيضا بمراكش ناهيك عن المتعافين المغاربة الذين غادروا المستشفيات….. كل هؤلاء أقروا بوجود مواجهة طبية لفيروس كورونا تنسجم مع المعايير الدولية… الجماعة حتى يمكننا توضيح بعض الأمور التي لا يمكن أن يراها غير المتتبع للشأن العام ببلادنا وحتى نكون متفقين مع محللين وباحثين في الجماعات على المستوى العربي والدولي وكيف تجند قياديها في مؤتمرات عالمية لزعزعة استقرار بلدانها والشروع في تأسيس مشروع دولة “الخلافة” وتدعمها دول تدر لها أموالا….جماعتنا “العاصية” نتبناها بهذا الاسم حتى ترجع عن غيها وعصيانها وتثوب ويكون لها بيننا موضع قدم محترم ومقبول وحتى تلتزم بالقوانين .. هذه الاخيرة تعتبر نفسها وأعضاءها فوق القانون وترفض أن يسري عليهم ما يسري على باقي المواطنين في دور تلعبه في كل أزمة “دور الضحية”.. من هنا ثارت ثائرتها إثر اعتقال ابن أمينها العام، متهمة الدولة بالاستغلال السياسي لحالة الطوارئ الصحية. لكن الذي تخفيه الجماعة هو كونها البادئة في الاستفزاز والتشويش على جهود الدولة، لتقويض المصالحة ولتجاوز آثار الأزمة الصحية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة عن الوباء. وما تتجاهله الجماعة هو أن أعضاءها ليسوا فوق القانون، وأن ما عبر عنه ابن العبادي مؤخرا عبر وسائل الاعلام ليس رأيا، بقدر ما هو إهانة للدولة ومس برموزها واستهزاء بمؤسساتها واعتداء على قوانين التي لا يمكننا قبولها ولا يمكن لأي مكون من مكونات المجتمع المغربي أن يقبلها وما تعيشه بلادنا اليوم كسائر البلاد العربية وغيرها أزمة تتطلب الجهد والعطاء والصبر لأن الله أمر المسلمين الحقيقيين بالطاعة والصبر والتعاون حيث قال سبحانه وتعالي : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً”ا..(59) وخير ما نختم به هذه الآية الكريمة التي تقطع مع أي تفسير آخر يريد فرض نفسه على المجتمع .. فالإسلام دين التسامح والاحسان والتعاون وليس دين الارهاب والقتل والتنكيل والصراعات وتقسيم الدول ….والله احد الباس..