علم لدى مصادر جيدة الاطلاع أن الفرقة الوطنية للأبحاث القضائية التابعة للقيادة العليا للدرك الملكي بالرباط أحالت، بحر الأسبوع الماضي، بارون مخدرات رفقة أربعة دركيين وعسكري على أنظار النيابة العامة المختصة بمحكمة جرائم الأموال بالرباط، على خلفية تورطهم في ملف يتعلق بالتهريب الدولي للمخدرات وإفشاء السر المهني وتسهيل ونقل المخدرات من أجل تهريبها، مقابل تلقي رشاوى مالية والتزوير في محاضر ومحررات رسمية وعدم التبليغ والمشاركة في ذلك. مصادر «الأخبار» أفادت بأن الوكيل العام للملك لدى استئنافية الرباط استمع للمتهمين بعد اطلاعه على المحاضر المحررة تمهيديا في حقهم، وأحالهم على قاضي التحقيق المكلف بالتحقيق في الجرائم المالية، قبل أن يقرر هذا الأخير إيداع البارون ودركي برتبة أجودان وكذا عسكري سجن العرجات من أجل متابعتهم في حالة اعتقال، فيما تقررت متابعة ثلاثة دركيين تتوزع رتبهم بين مساعد أول ورقيب في وضعية سراح بتهمة المشاركة وعدم التبليغ. وحسب المعطيات المتوفرة للجريدة، فإن هذه القضية المثيرة التي تعاملت معها النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط بالجدية اللازمة في إطار إنفاذ حملة التطهير والحرص على تخليق الحياة العامة، تعود لشهر أكتوبر من السنة الماضية، عندما توصلت مصالح النيابة العامة والقيادة العليا للدرك بالرباط بشكاية رسمية من أحد عناصر الدرك، معززة بتسجيلات ومقاطع صوتية ملتقطة من هواتف بارون وعسكري ومسؤول دركي سابق بمركز خميس الساحل ضواحي العرائش، يفضح فيها تفاصيل عملية ارتشاء عاينها بشكل مباشر، بلغت قيمتها حوالي 40 مليونا استفاد منها رئيسه في العمل وهو برتبة أجودان من مواليد 1985 كان يشتغل بمنطقة خميس الساحل ضواحي العرائش، قبل تنقيله إلى سرية الدرك بالعيون، مضيفا أن هذا الأخير تخلى عن مبلغ 10 ملايين سنتيم لصالح العسكري الموقوف. معطيات الملف كما أكدها الدركي المبلغ تؤكد أن الجندي تم ضبطه ليلا على مشارف منطقة بحرية ضواحي العرائش من طرف دورية للدرك كان يترأسها الأجودان، مرفوقابدركيين من مواليد 1986 و1995 وهما برتبة رقيب ومساعد أول، وبعد استفساره عن سبب تواجده وحيدا بمنطقة بحرية بعيدة في وقت متأخر من الليل، بدا عليه ارتباك كبير، دفعه للاعتراف بشكل تلقائي، أنه أنهى للتو عملية تهريب دولية لصالح بارون مخدرات، حيث أشرف على تمريرها بشكل آمن نحو الضفة الأخرى، وأضاف الدركي الذي فجر الفضيحة أن الأجودان تواطأ مع العسكري للاتصال بالبارون هاتفيا ومساومته من أجل دفع رشوة مالية مقابل التغاضي عن الجريمة، قبل أن تنتهي عملية التفاوض بدفع البارون مبلغ 40 مليون سنتيم، تسلم منها الدركي 30 مليون سنتيم، فيما استفاد العسكري من الباقي. وتضيف معطيات الشكاية التي شكلت مدخلا للبحث أن هذه العملية تمت أمام أنظار الدركيين المتابعين في حالة سراح والدركي المبلغ، فضلا عن جريمة التزوير في المحضر الذي أنجز لاحقا بمركز الدرك تحت إشراف المسؤول الدركي، حيث تضمن معطيات مغلوطة حول التدخل الأمني المنجز. مصادر الجريدة أكدت أن قاضي النيابة العامة وقاضي التحقيق المكلفين بالجرائم المالية حاصرا المسؤول الدركي بتصريحات مساعديه والتسجيلات التي تم رصدها بالهواتف بعد إخضاعها للبحث التقني، بما فيها هاتف البارون والجندي، وكذا بعض الوصولات التي أثبتت واقعة تسلم رشاومالية، في الوقت الذي أصر الدركي الموقوف أن الأمر يتعلق بتصفية حسابات فقط، بينه وبين الدرك المبلغ عنه، بسبب صرامته في إعمال القانون معه بخصوص إدلائه بشهادات طبية كثيرة للتغيب عن العمل، فيما ينتظر أن تكشف التحقيقات التفصيلية التي سيباشرها قاضي التحقيق المكلف بالجرائم المالية لدى استئنافية الرباط عن تطورات أخرى مرتبطة بهذا الملف، تتعلق تحديدا بمستوى تورط الدركيين المتابعين، وعمليات التهريب التي نفذها البارون بمنطقة خميس الساحل وباقي مناطق الشمال والغرب، بمساعدة وتواطؤ عناصر الدرك والجندي.