في ظل موجة حرارة استثنائية، تواصل فرق التدخل جهودها برا وجوا لإخماد الحريق الذي اندلع زوال الاثنين بغابة "بوهاشم جبل العلم" الواقعة بالمجال الترابي لجماعتي تازروت وبني عروس بإقليم العرائش. في مسعى لإخماد هذا الحريق، تمت تعبئة فرق للتدخل، مكونة من عناصر الوقاية المدنية والمياه والغابات والدرك الملكي والقوات المساعدة والسلطات المحلية، إلى جانب أفراد من الإنعاش الوطني، ومتطوعين من الساكنة، مدعومين بآليات إطفاء وشاحنات صهريجية وسيارات إسعاف وسيارات نقل وأربع طائرات متخصصة في إخماد النيران من نوع "كانادير". وحققت هذه الجهود تقدما ملحوظا في احتواء النيران، التي أججتها الظروف المناخية، إذ أفادت السلطات المحلية انه تم إلى حدود مساء الثلاثاء تسجيل 4 بؤر نشيطة للنيران، ما زالت طواقم الإطفاء تجاهد لإخمادها، بينما تم احتواء حريقين غابويين بكل من جماعتي الساحل وزعرورة. تدابير استباقية لحماية الأرواح لحماية أرواح المواطنين، وبإشراف مباشر من السلطات المحلية، سارعت فرق التدخل مباشرة بعد اندلاع الحريق إلى تأمين سلامة ساكنة المنازل والقرى المهددة باجتياح النيران ونقلهم إلى أماكن آمنة. في هذا الصدد، تم خلال 24 ساعة الأولى من اندلاع حريق غابة بوهاشم نقل حوالي 500 أسرة من 10 دواوير درءا لكافة المخاطر المحتملة، وهو العدد الذي ارتفع إلى غاية إلى 712 أسرة موزعة على 13 دوارا، حيث تم نقلها وإيواءها بعيدا عن أماكن الخطر. وستتواصل عمليات نقل ساكنة المناطق المهددة بهذا الحريق الغابوي الضخم تبعا لتطور الوضع على الميدان ومدى السيطرة على انتشار الحريق. وتحث السلطات المواطنين بضرورة الالتزام بتعاليم السلامة، تفاديا لتكرار المأساة التي أسفرت عن تسجيل حالتي وفاة اختناقا لسيدتين لم ترغبا في الاستجابة لنداءات السلطات المحلية والقوات العمومية بضرورة إخلاء المساكن المهددة بالنيران. رياح وحرارة تؤججان خسائر النيران في شهادات استقتها القناة الإخبارية M24، التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، تحدث قاطنو بعض القرى ضمن نطاق حريق غابة بوهاشم عن السرعة الرهيبة التي انتشرت بها النيران مباشرة بعد اندلاعها، والتي أتاحت بالكاد لعدد منهم إخلاء بيوتهم. يقول مواطن من دوار "تاك زارت" أن النار قطعت مسافة كبيرة بين دوارين في ظرف 20 دقيقة، زمن سمح بالكاد لعدد من سكان القرية بإخلاء منازلهم ونقل كبار السن والمرضى إلى الخارج، مضيفا أنه بالرغم من التدخل الجوي لطائرات "كانادير"، واصلت النيران التقدم بسبب قوة الرياح، متسببة في أضرار متفاوتة بمجموعة من المنازل. أحمد الوهابي، مواطن بالقرية نفسها يحكي تفاصيل يوم حارق، قائلا "كنت مستلقيا لأفاجأ بالنيران بدأت تجتاح القرية"، مضيفا "مشا لي كلشي، ما بقا لي والو، الله الكريم، النيران حرقت منزل العائلة ونناشد السلطات العون والانتباه إلى المتضررين". أما الزهرة التي بدأت تعدد الخسائر التي خلفتها النيران المتقدمة من الجبل نحو القرية بسرعة بسبب جفاف الأعشاب وكثافة الغطاء الغابوي وقوة الرياح، فقد سجلت أننا "أخرجنا شيخا بالمنزل بسرعة، لكن النيران أحرقت الدار والتبن والماشية ونسأل المساعدة لتجاوز هذه الخسائر التي فاقمت من الوضعية المزرية للعائلة". من غابة غناء إلى بساط رماد في ساعات محدودة، تحولت الغابة الكثيفة لهذا الجزء من منتزه بوهاشم إلى رماد تذروه رياح الشرقي التي واصلت الهبوب على المنطقة. غطاء أخضر يانع كان يتكون أساسا من أشجار البلوط الفليني وبلوط الزان (التشت) وبعض الأصناف النباتية الثانوية إلى مشهد أسود على مرمى العين. اجتاحت النيران مئات الهكتارات من هذه الغابة التي كانت تتميز بتنوعها الكبير واحتوائها على أصناف نباتية وحيوانية تشكل أساس الاقتصاد المحلي، سواء من خلال الرعي أو تربية النحل أو تثمين الأعشاب الطبية والعطرية وغيرها من الأنشطة. حرائق الغابات تؤثر على المنظومة الغابوية في شموليتها، إذ تخل بالتوازن البيئي وتحرم الحيوانات من موائلها، كما تقضي على الخدمات الاجتماعية والاقتصادية التي تقدمها لفائدة الساكنة المجاورة. ما زاد من صعوبة إخماد الحريق، أن فرق التدخل كانت تكافح للسيطرة على 3 حرائق اندلعت في وقت واحد بإقليم العرائش، ويتعلق الأمر بحريق غابة "بوهاشم جبل العلم"، وحريق غابة "المنزلة" بجماعة الساحل، وكذا حريق غابة دوار "الرمل" بجماعة زعرورة.