كشفت دراسة جديدة أن برامج تصدير الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا التي وضعتها دول المغرب والجزائر ومصر ليست مجدية اقتصاديا، غير واقعية نهائيا من منظور نقل الطاقة. وفي الوقت الذي أقامت فيه دول المغرب والجزائر ومصر شراكات مع العديد من الدول الأوروبية لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره إلى أوروبا، مستفيدة من قربها الجغرافي ومواردها الكبيرة من الطاقات المتجددة منخفضة التكلفة، خلصت الدراسة التي نشرها مركز الأبحاث الهولندي "ترانزناشيونال إنستيتيوت" و"مرصد الشركات الأوروبية" ببروكسل إلى أن تكاليف الإنتاج تجعل الوقود أغلى 11 ضعفا من الغاز الطبيعي، دون أخذ تكاليف التخزين والنقل في الاعتبار. تقدم دول شمال أفريقيا نفسها بوصفها شريكا مثاليا للاتحاد الأوروبي في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، وتحلم بتحقيق أرباح ضخمة بفضل هذه الصادرات، بحسب ما نقلته منصة "أجنس إيكوفين" الناطقة باللغة الفرنسية. وأحبطت الدراسة آمال المغرب والجزائر ومصر، بالرغم من أن الاتحاد الأوروبي أهداف استيراد الهيدروجين الأخضر إلى 10 ملايين طن سنويا بحلول عام 2030، في أعقاب الحرب الأوكرانية وضرورة تقليل الاعتماد على الغاز الروسي. وأعلن في الأشهر الأخيرة عن العديد من مشروعات الهيدروجين الأخضر العملاقة في شمال أفريقيا، خاصة شركة "توتال إرين" الفرنسية التي قررت بناء منشأة بقيمة 10.7 مليار دولار أميركي في موقع عملاق بمساحة 170 ألف هكتار في المغرب. كما وقّعت مجموعة سكاتك النرويجية صفقة لبناء مصنع هيدروجين أخضر في مصر باستثمار 5 مليارات دولار، فيما خصّصت ألمانيا ملياري يورو (2.13 مليار دولار) من الأموال العامة للشراكات في قطاع الهيدروجين الأخضر في المغرب وناميبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب أفريقيا. كما وقعت شركة "سيمنس" الألمانية العملاقة مذكرة تفاهم مع مصر في عام 2021 لتطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر واسعة النطاق في البلاد، باستثمارات إجمالية تقدر بنحو 23 مليار دولار. هذا ووجدت هذه الدراسة بعنوان "تقييم خطط الاتحاد الأوروبي لاستيراد الهيدروجين من شمال أفريقيا" أن برامج التصدير التي وضعتها 3 دول في شمال أفريقيا ليست مجدية اقتصاديا. واعتبرت أن "استخدام الكهرباء المتجددة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح) على المستوى المحلي ومشاركتها مع الدول المجاورة في أفريقيا، وربما الشرق الأوسط من خلال الربط البيني، سيكون خيارا أكثر كفاءة من محاولة إنشاء سوق تصدير للمواد الكيميائية باهظة الثمن". كما كشفت الدراسة أيضا، وفق ما أوردته جريدة "الأيام 24′′، أن الهيدروجين الأخضر يمكن أن تكلف أكثر 11 مرة تقريبا من الغاز الطبيعي لكل وحدة طاقة بأسعار ما قبل غزو أوكرانيا، حتى قبل التخزين والنقل، وأكثر 3 أضعاف من أسعار الغاز الحالية الأكثر ارتفاعا اليوم لكل وحدة طاقة". ولاحظ التقرير من ناحية أخرى، أن اندفاع شمال أفريقيا نحو الهيدروجين الأخضر لا يخضع نهائيا لمنطق الربحية. إذ رأى أنه "ليس من المنطقي بالنسبة إلى المغرب أو الجزائر أو مصر استخدام الكهرباء المتجددة الخاصة بها لصنع الهيدروجين الأخضر والمنتجات القائمة عليه، ثم شحنها إلى أوروبا مع الكثير من الطاقة المهدرة، حتى يتمكّن الاتحاد الأوروبي من تحقيق تخفيضات في الانبعاثات المناخية".