خرجت بكين عن صمت طويل ومحرج كانت لزمته السلطات الفضائية والدبلوماسية الصينية. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبين خلال مؤتمر صحافي دوري "بسبب التصميم التقني لهذا الصاروخ، أكثرية مكوناته ستحترق وتُدمر خلال العودة للغلاف الجوي". وأشار إلى أن "احتمال التسبب بأضرار للنشاطات الجوية أو (الأشخاص والمنشآت والنشاطات) على الأرض ضئيل جدا". وتخصص وسائل الإعلام الصينية، السبت، تغطية الحد الأدنى للحدث مكتفية بإيراد تصريحات الناطق باسم وزارة الخارجية. يسقط في مياه دولية بالبحر وكانت صحيفة غلوبال تايمز الصينية قد ذكرت الأربعاء أن حطام الصاروخ سيسقط على الأرجح في مياه دولية، وسط مخاوف من أن يسبب ضررا عندما يعاود دخول الغلاف الجوي للأرض. بشأن إعادة بقايا الصاروخ "لونغ مارش 5ب"، الذي حمل الوحدة التقنية الأساسية للمحطة الفضائية الصينية إلى المدار، إلى الغلاف الجوي، صرح خبراء فضاء صينيون لصحيفة غلوبال تايمز في وقت سابق أن هيكل الصاروخ الأشبه ب"جلد رقيق وحشو كثير"، وبعد استهلاك الوقود بداخل الصاروخ أثناء عملية الإطلاق، فإن القطع المتبقية من جسم الصاروخ لا تكون كبيرة، إضافة إلى ذلك، ونظرا إلى أن جسم الصاروخ مصنوع أساسا من سبائك الألومنيوم، فسيحترق معظمه بسهولة في الغلاف الجوي. لذلك، وبالمقارنة مع المحطات الفضائية أو الأقمار الصناعية الكبيرة، فإنه من غير المرجح أن تتسبب بقايا الصواريخ في إلحاق ضرر بالأرض. في الوقت نفسه، فإن مسار طيران الصاروخ ليس "خارج عن السيطرة" كما ذكرت بعض وسائل الإعلام. فقد تم حسابه بدقة، ويتم تقصير وقت رحلته في المدار عن عمد من خلال تخميله. فبعض وسائل الإعلام الغربية قامت مؤخرا "بشكل جماعي" بتضخيم مزاعم عن "تهديد الصاروخ الصيني الخارج عن السيطرة". حيث ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية في ال4 من مايو الجاري أنه بعد الانفصال عن الوحدة الأساسية للمحطة الفضائية، أصبحت حطام الصاروخ الصيني تدور حول الأرض بسرعة حوالي 27 ألف كيلومتر/الساعة. ومن منظور موقف الطيران، فإن حطام الصاروخ قد خرجت عن السيطرة، مما قد يشكل تهديدا للأرض". بهذا الصدد، رد سونغ تشونغ بينغ، خبير الفضاء الصيني، لصحيفة غلوبال تايمز يوم الأربعاء قائلا إنه بشكل عام، يعد هذا تضخيما آخر لما يسمى ب" تهديد الفضاء الصيني" الذي تتبناه بعض القوى الغربية، وهي حيلة قديمة وتقليدية تستخدمها القوى المعادية للصين في كل مرة يرون فيها اختراقات تكنولوجية في الصين، لأن ذلك يزيد من توترهم". وإذا ما بقيت أجزاء من الصاروخ مكتملة بعد دخول الغلاف الجوي، ثمة احتمال كبير في أن تتفتت في البحر لأن كوكب الأرض يتكوّن بنسبة 70% من المياه. لكن فرضية سقوطه على منطقة مأهولة أو سفينة في عرض البحر تبقى قائمة. يدخل الصاروخ الصيني خلال عطلة نهاية الأسبوع غلاف الأرض الجوي بطريقة غير متحكم بها في حين ترى الصين والكثير من الخبراء أن فرضية تسببه بأضرار على الأرض ضئيلة جدا. ووضعت الصين في 29 أبريل في المدار أول مكونات محطتها الفضائية المستقبلية بواسطة صاروخ "لونغ مارتش 5 بي"، أقوى الصواريخ الصينية. ويُتوقع أن تعود الطبقة الأولى من هذا الصاروخ التي لا تزال في المدار الأرضي، إلى نقطة يصعب التكهن بموقعها على الأرض. وأفادت التوقعات الأخيرة لوزارة الدفاع الأميركية أن الصاروخ الصيني سيدخل الغلاف الجوي السبت قرابة الساعة 23,00 بتوقيت غرينتش. إلا أن هذه التوقعات تترافق مع هامش خطأ كبير يصل إلى تسع ساعات. وينتظر أن تزداد هذه التوقعات دقة مع اقتراب الصاروخ من الغلاف الجوي. وقال مايك هاورد الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية الجمعة "نأمل بأن يسقط في مكان لا يؤذي فيه أحداً" مشددا على أن الولاياتالمتحدة تتعقب مسار الصاروخ. وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أكد خلال الأسبوع الحالي أن بلاده لا تنوي أبدا تدمير الصاروخ لكنه ألمح إلى أن الصين لم تخطط بعناية كافية لإطلاقه. وثمة احتمال أن تطال شظايا الصاروخ الثقيل منطقة مأهولة إلا أن الأمر غير مرجح بحسب خبراء عدة استطلعت وكالة فرانس برس آراءهم. وقال فلوران ديليفي عالم الفلك في مرصد باريس-بي إس إل "نظرا إلى حجم الصاروخ ستبقى أجزاء كبيرة منه". إلا أن أرجحية أن تصيب منطقة مأهولة "ضئيلة جدا تقل عن واحد على مليون على الأرجح" على ما أكد نيكولاس بوبرينسكي رئيس قسم الهندسة والابتكار في وكالة الفضاء الأوروبية. شظايا معدنية وقال جوناثان ماكدويل عالم الفلك في مركز هارفرد-سميثسونيان لعلم الفيزياء الفلكية والخبير بالحطام الفضائي "لا ضرورة للقلق المفرط. لكن فكرة أن ينهال طن من الشظايا المعدنية على الأرض بسرعة مئات الكيلومترات بالساعة لا تشكل ممارسة حسنة وعلى الصين أن تعيد النظر في تصميم مهمات لونغ مارتش 5بي لتجنب ذلك". وهذه ليست المرة الأولى التي تفقد فيها الصين السيطرة على مركبة فضائية عند عودتها إلى الأرض. ففي 2020 سقطت شظايا صاروخ لونغ مارتش آخر على بلدات في ساحل العاج ما ألحق أضرارا من دون وقوع إصابات بشرية. وتستثمر الصين مليارات الدولارات على برنامجها الفضائي سعياً إلى اللحاق بروسيا والولاياتالمتحدة في هذا المجال. وقد أرسل البلد الآسيوي العملاق أول مواطن صيني إلى الفضاء سنة 2003. كذلك وضعت في مطلع 2019 مركبة عند الجانب المظلم من القمر، في سابقة عالمية.