في وقت تسجل فيه أسعار المحروقات ارتفاعا متواصلا بوصول سعر الغازوال إلى ما فوق 9 دراهم و60 سنتيما، والبنزين إلى 11 درهما، شرعت لجنة استطلاعية برلمانية، شكلها مجلس النواب لبحث أسباب ارتفاع أسعار المحروقات، في عقد جلسات استماع إلى القطاعات والهيئات المعنية. وعلم "اليوم24" أن اللجنة التي يرأسها عبد الله بوانو، من البيجيدي، زارت مقر الوزارة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة، واستمعت إلى الوزير لحسن الداودي، خاصة حول مدى وجود المنافسة في السوق بعد إلغاء نظام المقاصة، وغياب مجلس المنافسة. وينتظر أن تعقد اللجنة لقاءات استماع أخرى مع وزيري المالية محمد بوسعيد، والطاقة والمعادن عبد العزيز رباح، قبل أن تعقد لقاءات مع مهنيي القطاع، وخاصة تجمع النفطيين، وجامعة أرباب محطات الوقود. وزارة الشؤون العامة والحكامة التي سبق أن أعلنت عن فتح تحقيق قبل أشهر في حقيقية ارتفاع الأسعار، وعلاقته بارتفاع أرباح شركات المحروقات، بعد إلغاء المقاصة، لازالت لحد اليوم لم تكشف نتائج تحقيقها. لحسن الداودي قال في جلسة في مجلس المستشارين، إن وزارته لازالت تبحث عن جواب لسؤال "هل هناك منافسة في قطاع المحروقات أما لا؟ مشددا على أن الأسعار في فرنسا وإسبانيا "مرتفعة مقارنة مع المغرب". عادل الزيادي، رئيس تجمع النفطيين، الذي يضم الشركات الأساسية في المغرب، مثل إفريقيا غاز، وشال، وتوتال، وبيتروم، وأوليبيا، قال ل"أخبار اليوم"، إن جمعيته لم تتوصل لحد الآن بطلب عقد لقاء مع اللجنة البرلمانية الاستطلاعية. وبخصوص ارتفاع الأسعار خلال شهر نونبر الجاري وبداية دجنبر، أكد أن ذلك "يعود إلى قرار منظمة الدول المصدرة للنفط بتخفيض الإنتاج، ما أثر على الأسعار". مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، كان سعر البرميل ما بين 30 و35 دولارا سنة 2016، واليوم وصل إلى ما بين 64 و65 دولارا للبرميل في 2017. وبخصوص الاتهامات الموجهة إلى الشركات بتحقيقها أرباحا مضاعفة بشكل كبير، رد قائلا إن شركات المحروقات "أصبحت تعيش مخاطر أكبر بعد إلغاء المقاصة"، لأنهم يواجهون وحدهم الانخفاضات في الأسعار، ومطلوب منهم "الانخراط في استثمارات كبيرة"، خاصة ما يتعلق منها بتوفير "بنية تحتية للتخزين". من جهة أخرى، هناك حلقة أخرى في سلسلة بيع المحروقات، وهي أرباب محطات بيع الوقود، المنتظمين في إطار "الجامعة الوطنية لأرباب محطات الوقود". هؤلاء لهم علاقة مباشرة مع المستهلك ويشترون المحروقات من الشركات الكبرى على أساس هامش محدد مسبقا من الربح. رئيس الجامعة، جمال زريكم، قال ل"أخبار اليوم" إن جامعته مستعدة للقاء اللجنة البرلمانية الاستطلاعية، للكشف عن معطيات دقيقة عن قطاع أرباب المحطات، منها أن محطة التوزيع تتلقى تغيرات أسعار المحروقات من الشركة التي تتعامل معها، ويكون هذا السعر مرجعيا، ويتم التقيد به في الغالب، كما أن هامش ربح المحطة محدد مسبقا. ثانيا أن هناك ظاهرة بيع الوقود في السوق السوداء، حيث يقتني أصحاب شاحنات صهريجية الوقود من بعض الشركات بأثمنة تقل عن الثمن الذي يباع به في المحطات بمبلغ يصل إلى 1500 درهم للطن، وهذا يخلق مشاكل في المنافسة. ثالثا يعاني أرباب المحطات من ضرر مادي ناتج عن ضياع عدة لترات من المحروقات بسبب درجة الحرارة: القاعدة المعمول بها هي ضرورة تزويد المحطات بوقود بدرجة حرارة تصل إلى 15 درجة. في السابق كانت وزارة الطاقة والمعادن تمنح تعويضا للمحطات لتغطية نقص الكمية بسبب الحرارة، لكن اليوم لم يعد هناك تعويض، ولهذا رفع أرباب المحطات دعوى قضائية ضد شركات المحروقات، لأنه بفعل الحرارة يمكن أن يتم اقتناء 10 أطنان، فتصبح 9 طن. من جهة أخرى، هناك حقوق التمبر، المفروض أن يستخلصها صاحب المحطة من الزبون الذين يؤدي نقدا عند كل عملية شراء، وهو مقتضى قديم تم تفعيله سنة 2015، في حين يشتكي أرباب المحطات من عدم وضوح طريقة استخلاصه من الناحية التقنية. كل هذه المعطيات ينتظر أن تقف عليها اللجنة الاستطلاعية التي من المقرر أن تنهي مهامها بإصدار تقرير خلال شهرين من انطلاق عملها.