في أول مرور له بمجلس المستشارين منذ بداية السنة التشريعية الجديدة، قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، إن ثمة "لوبيات وجهات أكلت وشربت كثيرا من الاستيلاء على العقارات"، مؤكدا في جواب عن سؤال محوري بالجلسة الشهرية أول أمس حول "سياسة الحكومة في مجال تعبئة العقار العمومي لفائدة الاستثمار"، أن حكومته عازمة على تفعيل اللجنة الوزارية الدائمة للسياسة العقارية، من أجل وقف النزيف الذي يعرفه الرصيد العقاري للدولة. وأقر العثماني أن مشكل العقار "مزمن" بسبب أمرين: الأول "تقادم النصوص القوانين" المنظمة لهذا المجال، وثانيا، "بسبب وجود لوبيات متخصصة في الاستيلاء على عقار الدولة"، وقال مستغربا إنه "على الرغم من أن الإشكال قديم ومزمن منذ الاستقلال، إلا أنه لم تعقد أول مناظرة وطنية حوله إلا في سنة 2015". وأضاف أن عمل الحكومة "منصب حاليا على إعداد انطلاق الحوار الوطني حول العقار والاستراتيجية العقارية الوطنية ومخطط عمل تنفيذها، بهدف الرفع من مردودية ونجاعة السياسة العقارية للدولة، من خلال تشخيص شامل لواقع العقار بغية الوقوف على أهم الإكراهات التي تعيق اضطلاعه بوظائفه الاقتصادية والاجتماعية، وكذا اقتراح التوجهات الكبرى لسياسة عقارية وطنية متكاملة وناجعة". العثماني تناول أيضا مشكل الأراضي السلالية، التي تبلغ مساحتها نحو 15 مليون هكتار، وقال إن العمل جار من أحل تصفية الوضعية القانونية لهذا النوع من الأراضي، محددا الهدف في الرفع من وتيرة التحفيظ العقاري لها، في أفق تحقيق هدف استراتيجي يتمثل في تحفيظ 5 ملايين هكتار قبل نهاية سنة 2020. وعبر العثماني عن أسفه لوجود "عمليات استيلاء على هذا النوع من الأراضي كذلك وصلت إلى القضاء"، لكن الحسم فيها "يتطلب وقتا طويلا"، بسبب تقادم القوانين التي تعود إلى فترة الاستعمار، واعتبر أن أول خطوة لتجاوز هذا الواقع تتمثل في مراجعة الإطار القانون، لأنه "إذا لم تتغير هذه الظهائر عبر مراجعة جذرية للقوانين، فلا يمكن أن تحل مشاكل الأراضي السلالية، وأتمنى أن تكون 2018 سنة ميلاد هذه القوانين، وهذا يحتاج إلى جهد كبير، وإلى إشراك جميع المعنيين". وكشف العثماني أن الحكومة تعمل على تنفيذ توجيهات الملك محمد السادس بخصوص تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري لذوي الحقوق المستغلين، مع الحرص على مجانية مسطرة التمليك، حيث عملت على إعفاء هذه العملية من الضرائب والرسوم، وقال إن هذه العملية "تهدف إلى تثمين هذا العقار وإدراجه في الدورة الاقتصادية والرفع من مردوديته". وكشف العثماني أن الحكومة تعمل من أجل "تسريع وتيرة استكمال مسطرة تمليك 36 ألف هكتار من الأراضي السلالية الواقعة في المدار المسقي بجهة الغرب، لفائدة ذوي الحقوق وتحفيظها لفائدتهم، كما سيتم العمل على تمليك 46 ألف هكتار إضافية من نفس الأراضي لفائدة ذوي الحقوق، وفق مسطرة جديدة ومبسطة، بشراكة مع برنامج تحدي الألفية الأمريكي في إطار نشاط العقار القروي"، على أن يتم تعميم هذه التجربة في المدارات السقوية بباقي المناطق فيما بعد، حيث ينتظر أن تشمل نحو 300 ألف هكتار. الملف الثاني الذي كان قيد الحوار بين العثماني وبرلمانيي مجلس المستشارين، يتعلق بميثاق اللاتمركز الإداري، حيث أعلن العثماني أنه "سيكون جاهزا قبل متم السنة الجارية". وحسب العثماني، فإن الحكومة تتوخى من اعتماد مشروع ميثاق اللاتمركز الإداري "إحداث قطيعة حقيقية مع نظام المركزية، من خلال الحد من تمركز اتخاذ القرار على مستوى الإدارات المركزية، وحصر نشاطها في الوظائف الاستراتيجية المتمثلة في بلورة تصور السياسات العمومية، مع ترك تنفيذها وتنزيلها على المستوى الترابي إلى المصالح اللاممركزة". وفي حالة اعتماد هذا الميثاق الذي كان موضوع أزيد من 13 خطابا ملكيا منذ 2002، من شأن ذلك إعادة "تنظيم المصالح اللاممركزة للدولة ونقل الاختصاصات إليها، وتنسيق التدخل الترابي للدولة، بإحداث لجنة وزارية لللاتمركز الإداري لدى رئيس الحكومة، ولجنة للتدبير الجهوي لدى والي الجهة".