تزداد يوما بعد يوم حالة الاحتقان بين وزارة الصحة وأطباء القطاع العام، فبعد تنفيذهم في أقل من شهرين(شتنبر وأكتوبر الماضيين)، لثلاثة إضرابات عامة، ووقفة وطنية أمام مقر الوزارة بالرباط، يبدو أن الأطباء الغاضبين يتجهون إلى الرفع من درجة تصعيدهم ضد وزارة الصحة، حيث أصدرت قيادة النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بالمغرب، تقريرا قدموا من خلاله صورة قاتمة عن وضع المستشفيات العمومية، وطالبوا من رئيس الحكومة سعد الدين العثماني بإيفاد لجن مستقلة للوقوف على الاختلالات. وفي هذا الصدد قال العلوي المنتظر، الكاتب الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بالمغرب، في اتصال هاتفي أجرته معه "أخبار اليوم"، إن غضب زملائه بالقطاع العام: الأطباء بمختلف تخصصاتهم والصيادلة وأطباء الأسنان، على وزارة الصحة وحكومة العثماني، جعلهم يصدروا تقريرا نهاية الأسبوع الأخير، خلال التئام جمع عام استثنائي حضره أعضاء المجلس الوطني واللجنة الإدارية للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، بدعوة من المكتب الوطني للنقابة، "أجمعنا على أن المنظومة الصحية برُمَّتِها، تعيش مع الأسف حالة انهيار متزايد، مما أثر ويؤثر سلبا على المستشفى العمومي الذي يعيش أيامه الأخيرة، إن لم تكن هناك إرادة فعلية لإنقاذه"، يقول نقيب أطباء القطاع العام، الشيء الذي أدّى بحسبه إلى نزوح المئات من الأطر الطبية إلى القطاع الخاص بعد تقديم استقالاتهم، هربا من جحيم الوضع الصحي الكارثي بالمستشفى العمومي. وكشف المسؤول بنقابة أطباء القطاع العام، أن زملاءه يعملون في ظروف أقل ما يقال عنها إنها "غير صحية"، ولا تستجيب للشروط العلمية التي تستوجبها منظومة الصحة العالمية، وعلى رأسها غياب وسائل التعقيم الحديثة بالمركبات الجراحية، وقاعات العلاج بأغلب مستشفيات المملكة، حيث يضطر الأطباء والممرضون، بحسب كلام الكاتب الوطني لنقابة الأطباء، إلى اعتماد طرق بدائية في التعقيم "بماء جافيل"، مما يشكل خطورة كبيرة في انتقال الأمراض المعدية كالسيدا والتهاب الكبد وغيرها، فيما وقف المسؤول ذاته، نقابي الأطباء عند النقص الحاد في الموارد البشرية بالأطقم الطبية بجميع تخصصاتها، وكذا الأطر شبه الطبية من الممرضين والآلات البيو- طبية، مما تسبب بحسب الأطباء الغاضبين في الظروف غير اللائقة لاستقبال المرضى، وشكواهم من حالة الاكتظاظ وضعف الطاقة الاستيعابية للمستشفيات الإقليمية والجهوية، التي كان من نتائجها السلبية، طول انتظار المرضى للمواعيد الطبية البعيدة لإجراء العمليات والتدخلات الطبية. ودعا أطباء القطاع العام عبر بلاغ جمعهم الاستثنائي بالرباط، رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، إلى إيفاد لجن مستقلة لرصد الاختلالات التي تعاني منها المنظومة الصحية وواقع حال المستشفيات العمومية، مع ربط المسؤولية بالمحاسبة، لوقف نزيف الاستخفاف والاستهتار بصحة وحياة المواطنين المغاربة، يقول بلاغ نقابة أطباء القطاع العام (توصلت "أخبار اليوم" بنسخة منه)، حيث هدد الأطباء وفي غياب كما يقولون، للمحور الرئيس لهم بوزارة الصحة، منذ إعفاء الوزير الحسين الوردي وتكليف بدلا عنه وزير التجهيز عبد القادر عمارة، بالدخول في أشكال احتجاجية تصعيدية وصفوها "بغير المسبوقة"، دفاعا عن ملفهم المطلبي، وعلى رأسه نقطة خلافهم مع وزير الصحة السابق، التي تهم اعتماد الرقم الاستدلالي 509 بكامل تعويضاته، وإضافة درجتين لما بعد درجة خارج الإطار.