بعد انتهاء مرحلة التحقيق، من المقرّر أن تعقد غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية مراكش، يوم الخميس المقبل، أولى جلسات محاكمة خمسة أشخاص متابعين بتهمة اختطاف رضيع حديث الولادة من مستشفى "ابن طفيل" المحلي. إحالة المتهمين على المحاكمة جاءت بعد انتهاء قاضي التحقيق من الاستماع إلى مجموعة من الشهود، والاستنطاق الابتدائي والتفصيلي للمتهمين وإجراء مواجهات بينهم، من جهة، ومع والدي الرضيع المختطف، من جهة ثانية، قبل أن يخلص إلى أن التحقيق الذي أجراه أنتج أدلة كافية على ارتكابهم للتهم التي تابعتهم بها النيابة العامة، والمتعلقة ب"الاختطاف، والاتجار في البشر، ومحاولة إخفاء هوية طفل"، و"المشاركة في التهم السابقة"، كل حسب المنسوب إليه، ويحيل الملف على الوكيل العام للملك، مطلعا إيّاه على نتائج التحقيق الذي أجراه، ليصدر هذا الأخير، من جهته، ملتمسه النهائي بشأن انتهاء التحقيق، ويحيل المتهمين على المحاكمة أمام الغرفة المذكورة. المتهمون سيمثلون أمام المحكمة في حالة اعتقال، بعد أن رفضت الغرفة الجنحية بالاستئنافية نفسها ولمرّتين متتاليتين في أقل من شهر، ملتمسات بإخلاء سبيلهم ومنحهم السراح المؤقت، إذ أيّدت الغرفة قرار قاضي التحقيق، ولم تستجب للطعن الذي تقدم به محامو المتهمين ضد قرار متابعتهم في حالة اعتقال. ويتابع في هذا الملف كل من طبيب يمتلك عيادة للطب العام بحي "الحرش" بمراكش، وهو المتهم الأول في الملف، وشخص يملك مجموعة من الملاهي الليلية بالمدينة، وزوجته، التي يشتبه في أنها اشترت الرضيع من الطبيب مقابل مبلغ 35 ألف درهم، سلمته منها 15 ألف درهم، قبل أن يتم توقيفها من طرف الأمن، بالإضافة إلى والدتها وسائقها اللذين كانا على علم بتفاصيل الاتفاق بين الطبيب والمتهمة بشراء الوليد المختطف، وتسلماه منه لينقلاه إليها. واستنادا إلى مصدر مطلع على الملف، فقد تضاربت تصريحات الطبيب المتهم، سواء خلال مرحلة البحث التمهيدي أمام الشرطة القضائية أو خلال تقديمه أمام النيابة العامة، ولاحقا خلال استنطاقه من طرف قاضي التحقيق، إذ زعم، في المرّة الأولى، أنه تسلم الرضيع من والدته برضاها وباتفاق مسبق معها، بعدما دفع إليها مبلغا ماليا قدره 2000 درهم، وهو ما نفته هذه الأخيرة، التي صرحت بأنها لم تكن على سابق معرفة به من الأصل، موضحة أن المرّة الأولى التي تعرفت عليه كانت بعد وضعها للمولود، إذ زارها بالغرفة التي كانت ترقد فيها بالمستشفى إلى جانب نساء أخريات، مقدما لهن نفسه على أنه طبيب يعمل بالمستشفى عينه. غير أن الطبيب عاد وتراجع عن اتهامه للأم بتلقي مبلغ مالي منه، قبل أن يقذفها بتهمة أخرى لا تقل خطورة، إذ نفى اختطافه للرضيع وأكد، في المقابل، أن والدته سلمته إليه برضاها بناءً على اتفاق مسبق بينهما، يقضي أن يقوم بتسليمه إلى أسرة ميسورة تتكفل بتربيته، زاعما أنها أوضحت له أن ظروفها المادية المتردية لا تسمح لها بتربيته في أحسن الظروف، وهو ما نفته الأم كذلك موضحة أن انتماءها إلى أسرة محدودة الدخل لا يمكن أن يكون، بأي حال من الأحوال، سببا في التخلي عن وليدها لوسيط يتاجر بالرضع حديثي الولادة، مضيفة أنها عندما قررت، هي وزوجها، إنجاب طفلهما الرابع كانا متأكدين أنهما سيرعيانه وفقا لإمكانياتهما. وكانت الشرطة أوقفت المتهمين، بتاريخ 26 شتنبر المنصرم، إثر تلقيها لإشعار من طرف إدارة المركز الاستشفائي الجامعي "محمد السادس" بمراكش، في الساعات الأولى من صباح اليوم نفسه، باختطاف رضيع حديث الولادة من طرف شخص قدم نفسه للأم على أنه طبيب، وهو ما استدعى فتح بحث قضائي مكّن من التوصل إلى الفاعل الرئيس، الذي تم توقيفه إلى جانب الوسيط، الذي قام بنقل الرضيع، كما جرى تحديد مكان وجود المولود المختطف، إذ عُثر عليه بمنزل زوجين يقطنان بالمدينة. كما كشفت التحريات الأولية أن الطبيب المشتبه فيه كان يعالج المرأة التي عثر على الرضيع بمنزلها، والتي تعاني من مشكل في الإنجاب، وأنه قام باختطاف المولود وتسليمه إليها مقابل مبلغ مالي.