أياما قليلة بعد انتخابه عضوا باللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، من المقرّر أن يمثل مجددا المستشار البرلماني عبد اللطيف أبدوح، يوم الخميس 26 أكتوبر الجاري، أمام غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بمراكش،في إطار الملف المعروف ب"كازينو السعدي"،الذي يتابع فيه إلى جانب 10 متهمين آخرين،في حالة سراح،والذي قُضي فيه ابتدائيا بإدانة تسعة منهم بأحكام بلغ مجموع مددها 28 سنة نافذة،كان نصيب أبدوح منها خمس سنوات. الجلسة المقبلة ستكون مفصلية في المحاكمة وستستمع خلالها الغرفة لخمسة شهود، بينهم أربعة للنفي، يراهن أبدوح ودفاعه على أن تساهم شهاداتهم في تغيير قناعة المحكمة بعيدا عمّا استخلصته غرفة الجنايات الابتدائية، وأن تقضي بحكم مخالف لها،خاصة بعد أن أخرجت الملف من المداولة لاستدعاء شاهدين، من بينهما المشتكي،الذي سبق له أن تحوّل خلال المرحلة الابتدائية من المحاكمة إلى شاهد نفي بامتياز،وكذا بعد موافقتها على ملتمس تقدم به الدفاع من أجل الاستماع إلى ثلاثة شهود آخرين للنفي،من بينهم عضو سابق للمجلس الوطني لحزب الاستقلال. في المقابل، تجزم مصادر قانونية بأن إفادة شهود النفي الأربعة لن تكون لها أية قيمة أو آثار قانونية فعلية على المحاكمة،موضحين بأن معظمهم كانت شهاداتهم "مهزوزة وغير متماسكة"، سواء خلال مرحلتي البحث التمهيدي والتحقيق، أو أمام غرفة الجنايات الابتدائية،خاصة المشتكي، الذي تراجع عن اتهاماته ضد أبدوح، واعترف خلال المحاكمة الابتدائية بأنه "مختل عقليا". وتتوقع المصادر نفسها بأن تكون الإفادة الأكثر دقة و تأثيرا على مجريات المحاكمة، هي شهادة مصطفى بنمهدي،الكاتب السابق لمجلس المنارة جليز،الذي ظلت تصريحاته ثابتة سواء خلال البحث التمهيدي أو التحقيق أو المحاكمة الابتدائية،مؤكدا فيها بأنه قام بتسجيل الحوار الذي دار بين أبدوح ومجموعة من الأعضاء حول طريقة توزيع رشوة يشتبه في أنه تلقاها من الشركة المستغلة للكازينو، وهو ما زكاه المتهمان لحسن أمردو وعبد الرحيم الهواري،حين عرض عليهما قاضي التحقيق مضمون الشريط، فاعترفا بأنهما كانا يتحدثان حول مبالغ مالية،وكان كل واحد منهما يحاول استدراج الآخر لمعرفة الحقيقة،كما زكاه تدخل للمستشار الاتحادي بالمجلس نفسه، بوعبيد الفهري،المدوّن بمحضر دورة فبراير من سنة 2002، والذي أكد فيه بأنه صوّت على التفويت لاعتقاده بأن العملية ستشجع على الاستثمار،قبل أن يكتشف بأن أمورا مريبة وقعت تحت الطاولة، ملمحا إلى حصول بعض أعضاء المجلس على رشاوى مقابل التصويت على تفويت الكازينو بمبلغ 697 مليون سنتيم،فيما أكد تقرير للمفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، بأن التفويت كبّد البلدية خسارة وصلت إلى أكثر من 19 مليار و300 مليون سنتيم. وقد سبق للشاهد الأخير أن أدلى لغرفة الجنايات الابتدائية بوثائق تؤكد ما يعتبره "اختلالات مالية" ارتكبها أبدوح خلال ترؤسه لمجلس بلدية المنارة جليز بين 1997 و2003،مذكّرا بمضامين تقرير المفتشية العامة للإدارة الترابية،الذي خلص إلى أن "أكثر من 46 مليار سنتيم ضاعت في تفويت مجلس بلدية المنارة جليز لأملاك جماعية لفائدة مؤسسات فندقية وخواص بأثمنة بخسة وفي أجواء غابت فيها الشفافية".