لم يستطع المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة أن يكمل اجتماعه الأخير يوم الخميس الفائت، بسبب المواجهات التي تحولت إلى ملاسنات بين أعضائه. فقد عجلت مشادات بين كل من حسن بنعدي، الأمين العام الأسبق للحزب، من جهة، وبين كل من عزيز بنعزوز، رئيس فريق الحزب في مجلس المستشارين، وجمال الشيشاوي، عضو المكتب السياسي من جهة أخرى، (تسببت) في توقيف أشغال الاجتماع بشكل نهائي. بينما لم ينجح الحبيب بلكوش، الأمين العام بالنيابة، في رأب الصدع بين قياديي الحزب. وبدأت الملاسنات، بحسب ما علمت "أخبار اليوم"، ب"خطاب اتهامي" ألقاه بنعزوز بخصوص الأنباء التي تغذي الشكوك حول ثروات قياديين في حزب الأصالة والمعاصرة، مخاطبا الأمين العام الأسبق للحزب بشكل مباشر حيث قال: "إن بنعدي يقف وراء تسريب المناقشات التي تجري في اجتماعات المكتب السياسي للحزب إلى الصحافة"، بغرض تضييق الخناق على الموالين لإلياس العماري. وقد كان بنعزوز إلى جانب عبدالحكيم بشماش، رئيس مجلس المستشارين، موضع حملة بخصوص ما قيل إنهما راكما ثروة كبيرة في السنين الأخيرة، وقد طرح موضوعها في اجتماع للمكتب السياسي، ثم تسربت مضامينه كليا إلى الصحافة. ثم تابع جمال الشيشاوي، وهو عضو في المكتب السياسي، اتهاماته إلى بنعدي في الاجتماع المذكور، حيث قال: "إن صحافيا يتلقى المعلومات الكافية حول مضامين اجتماعات المكتب السياسي، هو نفسه الصحافي الذي أشرف على مذكرات بنعدي التي نشرت في صحيفة قبل سنوات، وهو من سيقدمه إلى عبداللطيف وهبي كي يعرض عليه أن يفتي إلياس العماري باستخدامه كمدير لصحيفة كان الحزب ينوي إصدارها قبيل انتخابات 7 أكتوبر". غير أن بنعدي لم يقف مكتوف اليدين إزاء الاتهامات التي وجهت في الاجتماع، حيث انتفض في وجه بنعزوز قائلا: "إن الحقائق سيعرفها الناس في الوقت المناسب، لكنه لن يكون في الوقت الحالي جزءا من أي عملية تسريب تستهدف أحدا من قياديي الحزب"، مضيفا أن "حملة التشكيك والإهانة التي لحقتني، بسبب الطريقة التي صيغت بها هذه الاتهامات، ستدفعني إلى الوقوف في وجه كل من يسعى إلى أن يحشرني في الزاوية". الأمين العام الأسبق، وجه كلامه إلى بنعزوز وقال: "إن الذين يتسببون بالضرر للحزب هم أولئك الذين يحاولون أن يقنعوا الناس في الحزب بأن ذهاب إلياس العماري معناه موت الحزب كليا"، موضحا أن "حربا شرسة تخاض في هذا الصدد، أساسها الخداع". ويعتبر بنعزوز من القياديين الموالين لإلياس العماري، فضلا عن أنه جزء من الحلقة الضيقة لما يعرف في الحزب ب"تيار الريف"، الذي بدأ يضعف منذ خروج الآلاف من سكان الريف في مظاهرات طيلة شهور. ولم يتوقف بنعدي عن مخاطبة بنعزوز بحدة غير معهودة في اجتماعات هذا الحزب، وقال: "إننا منذ أن أسسنا الحزب قبل سنوات، كنا نعمل في واضحة النهار، بينما أنتم تشتغلون في جنح الليل". ثم شرع الطرفان في الصراخ، ولم يجد بلكوش بدا من توقيف اجتماع المكتب السياسي بصفة نهائية. ولاحقا، عندما خرج القياديون من اجتماعهم، تقدم بنعزوز إلى بنعدي، واعتذر له عما صدر منه في الاجتماع. وبحسب مصدر "أخبار اليوم"، فإن بنعدي قبل الاعتذار، واعتبره ردا لاعتباره". فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني للحزب، أعلنت في الاجتماع، بسبب ما حدث، عن أنها ستتوقف عن حضور "الاجتماعات التي تحولت إلى منصات للاتهام، وقالت: "لقد تعرضت لهجوم كبير بسبب مواقفي التي أعبر عنها في المكتب السياسي، ويحق لي أن أبتعد عن أي عضو في المكتب السياسي من الآن فصاعدا، لأني لا أريد أن ألتقي أحدا كي يتسبب لي في مشاكل إضافية لاحقا". المنصوري أكدت بأنها "ستتفرغ الآن لمهمة التحضير لدورة المجلس الوطني". وتصاعدت الخلافات بين قياديي "البام" في المرحلة الأخيرة بسبب الأنباء المنتشرة عن ثروات بعض القياديين الموالين لإلياس العماري. ونُشرت معلومات عن "فيلتين" اشتراهما كل من عزيز بنعزوز وعبدالحكيم بنشماش مؤخرا، في العاصمة الرباط. ويطالب أعضاء الحزب وفيهم قياديون، بضرورة الكشف عن الطريقة التي راكم بها بعض القياديين ثروات هائلة في فترة وجيزة، وكانت المنصوري نفسها ضمن المطالبين بكشف الحقائق تَهمُّ تلك الثروات المزعومة. لكن أعضاء الحزب كانوا يتعرضون لضغوطات للتوقف عن هذه المطالبات.