الدبلوماسية المغربية أمام اختبار دقيق إزاء أزمة ما أصبح يعرف ب«جماعة الإخوان المسلمين»، التي قسمت دول مجلس التعاون الخليجي إلى تيار مناهض لهذه الجماعة، يسعى إلى وضعها على قائمة «الإرهاب»، وهذا الموقف تمثله السعودية والإمارات والبحرين، وهناك قطر التي تدافع عن جماعة الإخوان المسلمين، وتعارض انقلاب الجيش على حكمهم في مصر، وهناك موقف الدول التي تراقب المشهد عن بعد، وتسعى إلى حل المشاكل دون قطيعة دبلوماسية بين بعضها البعض، وهنا تقف الكويت وعمان والأردن ودول أخرى... غدا يجتمع في مراكش وزراء الداخلية العرب بطلب من مصر، والغرض هو استصدار موقف أمني موحد للدول العربية إزاء جماعة الإخوان المسلمين التي أعلنتها القاهرة جماعة إرهابية، وتبعتها السعودية مؤخرا... ما هو الهدف من وضع أكبر جماعة إسلامية عمرها 80 سنة على قائمة الإرهاب؟ الغرض هو منعها من إفشال مشروع الانقلاب الذي مازال يتخبط في مشاكل لا حصر لها في القاهرة، والغرض الثاني هو الخلط بين مواجهة الربيع الديمقراطي، الذي لاح في الأفق منذ 3 سنوات، ومواجهة جماعة إرهابية. أمراء الخليج يعرفون أن شعار مناهضة التحول الديمقراطي في العالم العربي شعار لا يلقى قبولا ولا دعما من الغرب ولا من شعوب المنطقة، ولهذا يجري إخفاء هذا الهدف الاستراتيجي تحت شعار محاربة إرهاب وتطرف وتزمت جماعة الإخوان المسلمين. إذا نحن بسطنا الإيديولوجيا الفكرية والسياسية الإخوانية وقارناها بالإيديولوجيا الفكرية والسياسية الوهابية والسلفية، فمن نجد أكثر تطرفا وانغلاقا وعنفا وتخلفا؟ الإخوان المسلمون قبلوا بالدخول إلى اللعبة الديمقراطية، وشكلوا حزبا سياسيا، واحترموا التعددية الحزبية طيلة سنة من وجودهم في الحكم الذي وصلوا إليه عبر صناديق الاقتراع... يمكن مؤاخذتهم على كثير من القرارات والسياسات، وحتى على غباء في إدارة السلطة في أكبر بلد عربي، لكن يجب الاعتراف بأنهم تغيروا ويتغيرون منذ 80 سنة، والديمقراطية لا تُتعلم في كتب وكراسات، بل تؤخذ من التجربة والخطأ. التيارات السياسية العربية قومية ويسارية وعلمانية وليبرالية كلها مازالت تتعلم في مدرسة الديمقراطية ولا يوجد في حوزة أي تيار دبلوم التخرج من هذه المدرسة بعد، الجميع مازالوا تلاميذ، جلهم رسب في الامتحان. أما التيار الوهابي المتنفذ في السعودية، والذي يرعى التيار السلفي في جل دول العالم العربي، فإنه تيار ديني منغلق لا يقبل حزبا ولا نقابة ولا انتخابات ولا تعددية، ولا حتى سياقة المرأة لسيارتها، وكم كان منظر السلفيين مدعاة للسخرية عندما تقدموا في مصر إلى الانتخابات ورشحوا سيدة في إحدى الدوائر، وعوض وضع صورتها على الملصق الانتخابي، وضعوا صورة زوجها غير المرشح أصلا للانتخابات، لأن المرأة عورة عند هذا التيار من رأسها إلى أخمص قدميها! مصر والسعودية تريدان جر المغرب ودول عربية أخرى إلى «معاركهما السياسية» و«الطائفية»، وهذا لا يخدم قضية التحول الديمقراطي في العالم العربي، لأنه يقسم مجتمعاتنا على أسس دينية وليست سياسية. الدين ليس وجهة نظر في السياسة، بل هو عقيدة يجب أن تظل في خانة المشترك بين أفراد المجتمع، أما الديمقراطية فوجهة نظر في الحكم، وهي أساس الصراع والاختلاف... أيها العرب، أيها الخليجيون، اتركونا بعيدا عن هذه «الفتنة» أيها الأشقاء هذه بلاد تجرب طريقا ثالثا نحو الديمقراطية عدا طريق الثورة أو الجمود، أيها الأشقاء معركتكم معركة لا مجد فيها ولا أبطال.