بسبب تزايد استهداف الصحفيين والتضييق على حرية الإعلام والتعبير، تتجه «اللجنة الوطنية من أجل الحرية لأنوزلا» إلى الإعلان عن «هيأة حماية حرية الصحافة والتعبير بالمغرب» تعتبر الأولى من نوعها في المغرب، إذ تهدف إلى «توفير كل أشكال الحماية للإعلاميين»، و»الباحثين والأكاديميين والمبدعين عند ممارستهم لحرية الرأي والتعبير». هذا، وجاء في مشروع الأرضية التأسيسية للهيأة، أن الفكرة انبثقت في سياق التجربة والخبرة التي راكمتها لجنة الدفاع عن الصحفي علي أنوزلا، مؤكدة أنها تستلهم تصورها من «تجربة هيئات معروفة في العالم»، على غرار «مراسلون بلا حدود» وغيرها من المنظمات الدولية العاملة في مجال الدفاع عن حرية الرأي والتعبير والفكر والإبداع. وبرّرت الوثيقة هذه الخطوة بما تتعرض لها الصحافة المستقلة، خلال العقدين الماضيين، من «قمع وتضييق ممنهجين» على الإعلاميين و»إخضاعهم للعقوبات السالبة للحريات» و»للغرامات المهولة التي أدت في بعض الحالات إلى إفلاس مقاولات صحفية وإغلاق منابر إعلامية». وأشارت في هذا الصدد إلى «الحكم الجائر» الذي صدر سنة 2005 ضد الصحفي علي المرابط الذي مُنع من الكتابة داخل بلده لمدة عشر سنوات. ناهيك عن المضايقات التي تعرضت لها صحف الجريدة الأولى، ونيشان، وتيل كيل، والمساء، وأخبار اليوم، ثم آخرها الموقع الرقمي «لكم.كوم». واعتبرت الوثيقة أن هذه «المضايقات والتعسفات ..مختلفة الأشكال ومتنوعة المصادر»، وبالرغم من أن المنظمات العاملة في مجال الإعلام وفي الحقل الحقوقي تسعى «إلى انتقادها وفضحها والاحتجاج عليها»، حسب ما تسمح به «ظروفها وإمكانياتها»، فإن الصحفيين وضحايا حرية الرأي والتعبير «يواجهون مصائرهم دون ما يكفي من وسائل الدعم والمساندة». وبسبب ذلك، يتعرض الصحفيون «لأنواع الضغط للكشف عن مصادرهم»، و»للامتثال لمنطق الخطوط الحمراء» التي لا ينص عليها القانون، كما يتعرضون «للأحكام القضائية غير المنصفة» إثر محاكمات «لا تحترم معايير المحاكمة العادلة»، مع اللجوء إلى قانون الإرهاب والقانون الجنائي لمحاكمتهم، زيادة على «الرقابة الناعمة» التي تتمثل في «التحكم في موارد الإشهار» بغرض خنق المقاولات الصحفية وإخضاعها. وتعتبر الوثيقة أن هذا «الوضع القاتم» أدى إلى نتائج سلبية، أبرزها مغادرة الصحفيين لمهنتهم، وآخرين لبلدهم، فارتفع عدد الإعلاميين المغاربة في الخارج، الذين «اضطروا إلى نفي أنفسهم» خارج بلدهم، مما انعكس سلبا على إنتاج «أطر صحافية كفأة وقادرة على إنتاج صحافة مهنية ومستقلة». الوثيقة تحدثت عن كل ذلك باعتباره «تنكيلا ممنهجا»، دأبت عليه السلطة، مما دفع القوى الديمقراطية المؤمنة بحرية الإعلام والرأي والتعبير إلى ابتكار «أسلوب اللجان المساندة والمدعمة للمضطهدين»، لتكون سندا لهم يحول دون «انفراد السلطة بهم وتركهم لقمة سائغة لها». وبسبب «نجاعة» تلك المبادرات، ارتأت اللجنة الوطنية من أجل الحرية لأنوزلا «تجاوز الشكل المناسباتي» في إنشائها و»تحويلها إلى هيأة مؤسساتية، ترصد باستمرار واقع الحريات»، وتدعم حرية الرأي والتعبير في وجه «خروقات وانتهاكات السلطة». وهي خروقات مافتئت تقارير منظمات دولية تؤكدها، إذ جاء ترتيب المغرب في آخر تقرير لمنظمة «مراسلون بلا حدود» لسنة 2014 في المرتبة 136 عالميا من أصل 180 دولة شملها التقرير. أما «فريدوم هاوس»، فقد وضعت المغرب في المرتبة 152 من 197 دولة في ترتيب حرية الصحافة لسنة 2013، إذ اعتبرت المغرب من «الدول الخالية من حرية الصحافة». المهام المرتقبة للهيئة، والتي من المنتظر أن ينص عليها قانونها الأساسي ونظامها الداخلي، تتمثل في «تشكيل قوة اقتراحية» بهدف الارتقاء بالقوانين المنظمة أو ذات العلاقة «بممارسة الحريات وضماناتها»، و»بشروط ممارسة حرية التعبير والرأي»، و»الإصلاح العميق للإعلام العمومي وتحريره من استحواذ السلطة». كما حددت الوثيقة للهيئة مهمة «مراقبة ورصد تهديدات وانتهاكات حرية الرأي والتعبير بالمغرب»، و»الدفاع عن الإعلاميين والمثقفين والمبدعين»، إضافة إلى مهمة «الترافع على المستوى الوطني والدولي بخصوص تلك الانتهاكات».