الدخول السياسي لحكومة سعد الدين العثماني سيكون محكوما بالمعطيات السياسية التي أحاطت بتشكيل الحكومة وأسهمت في إضعافها، منذ تشكيلها في 6 أبريل الماضي. أولها الأزمة التي دخلها حزب العدالة والتنمية، بعد إبعاد عبد الإله بنكيران عن رئاسة الحكومة، وتوجه العثماني إلى القبول بالشروط التي رفضها بنكيران طيلة أزيد من 6 أشهر، فكانت النتيجة هي أن الأمين العام للبيجيدي اختار أخذ مسافة من حكومة يقودها البيجيدي. بنكيران لم يحضر أي اجتماع لأحزاب الأغلبية، منذ تشكيل الحكومة، وحتى عندما حضر مصطفى الرميد إلى جانب العثماني، خلال إعلان تشكيل تحالفه الحكومي داخل مقر الحزب في شارع الليمون، بصفته يمثل الحزب، فقد تلقى عتابا من بنكيران. هذا الوضع «يضعف العثماني داخل الحكومة»، حسب قيادي من البيجيدي. ثانيا، هناك حالة التفكك التي تعرفها أحزاب الأغلبية، التي أصبحت برأسين؛ الأول يقوده العثماني، ويسانده نسبيا نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، والثاني، هو رأس أخنوش، الذي بات يقود تحالفا حزبيا يضم كلا من أحزاب التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية. مصادر كشفت أن مواقف أخنوش داخل اجتماعات الأغلبية الحكومية باتت تلقى التأييد الصريح أو الضمني من طرف تحالفه داخل الحكومة، رغم موقف العثماني. من أمثلة ذلك، ما وقع أخيرا من رفض أخنوش خطة رئيس الحكومة لخلق آلية لتتبع تنفيذ المشاريع القطاعية، تضم الكتاب العامين للوزارات، بإشراف الكاتب العام لرئاسة الحكومة. ففي وقت تبدو رغبة رئيس الحكومة منسجمة مع الدستور الذي ينص في فصله ال89 على أن رئيس الحكومة هو المسؤول عن الحكومة، وأن «الإدارة موضوعة تحت تصرفها»، فإن وزير الفلاحة رفض خلق هذه الآلية، التي من شأنها أن تعزز موقع رئيس الحكومة، وتمكنه من الاطلاع على ما يجري في مختلف القطاعات، بما فيها مشاريع قطاع الفلاحة التي يدبرها زعيم «الأحرار». أخنوش أعترض أيضا عندما طلب العثماني من الوزراء، خلال اجتماع لمجلس الحكومة، توقيع مراسيم الاختصاصات لصالح كتاب الدولة، وإلى حد الآن يرفض أخنوش توقيع هذه المراسيم. ضعف الأغلبية الحكومية برز، أيضا، في ارتباكها في تدبير ملف حرك الريف، فقد خرج بعض الوزراء ليتهموا الحراك بالانفصال، ما أثار ضجة. ورغم أن النقاشات داخل أحد لقاءات الأغلبية اتجهت إلى تفعيل دور الأحزاب، فإن العثماني وأغلبيته عجزا حتى عن تنظيم لقاء تلفزي حول الريف، سبق أن تقرر خلال أحد الاجتماعات. في ظل هذه المعطيات السياسية، كيف سيكون الدخول السياسي لحكومة العثماني؟ هناك محددان أساسيان سيتحكمان في مستقبل الحكومة؛ أولهما، مؤتمر حزب العدالة والتنمية، المقرر في دجنبر المقبل. العثماني ووزراء البيجيدي يراهنون على أن يصل العثماني إلى الأمانة العامة للحزب، حتى يتمكن من وضع الحزب على سكة الحكومة، لكن هذا المسعى لا يبدو سهلا مع ارتفاع أصوات تنادي بولاية ثالثة لبنكيران. إذا تحقق هذا السيناريو الثاني، فإن حكومة العثماني ستكون في مهب الريح. أما المحدد الثاني فهو مستقبل الحراك في الريف، والتحقيقات التي فتحت بشأن المشاريع الملكية في المنطقة، والتي يمكن أن تعصف ببعض وزراء الحكومة.