أثارت دعوة الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، للمساواة في الإرث بين الرجال، والنساء جدلا واسعا داخل البلاد، وخارجها. دعوة الرئيس، التي أعلنها في قصر قرطاج، يوم الأحد الماضي، بمناسبة اليوم الوطني للمرأة التونسية كشفت انقساما داخل المجتمع التونسي كما وصل صداها إلى بلدان عربية أخرى. ودعوة الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، إلى المساواة في الإرث بين الجنسين، أعادت إلى أذهان المغاربة الجدل، الذي عاشه المغرب في أكتوبر عام 2015، بعد توصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمساواة في الإرث بين الرجال والنساء، وهي التوصية التي لقيت اعتراضا شديدا من رئيس الحكومة السابق عبد الإله بن كيران، بينما فضلت المؤسسة الدينية الرسمية الصمت حيال الموضوع. وإذا كانت تونس تشهد هذه الأيام نقاشا حادا حول الموضوع، بعد انتصار أعلى سلطة في البلاد لدعاة المساواة في الإرث، فإن الحكومات المغربية، ومعها المؤسسة الدينية الرسمية، ظلت ترفض الخوض في الموضوع باعتباره من قطعيات الشريعة، إلا أن توصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان كانت قد خلقت نقاشا واسعا بين المؤيدين، والمعارضين، دون أن يصل ذلك إلى قبة البرلمان ومؤسسات الدولة، خصوصا المجلس العلمي الأعلى، الذي يترأسه الملك بصفته أميرا للمؤمنين، وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية بموجب الفصل 41 من الدستور، والذي يعتبر الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى، التي تعتمد رسميا. ويرى امحمد جبرون، الباحث في التاريخ، والفكر الإسلامي أن موضوع الإرث، وغيره من القضايا الحساسة يجب أن يناقش من طرف العلماء، وأهل الاختصاص، المدعوين إلى الاجتهاد مراعاة لتطور المجتمع، مبرزا أن موضوع الإرث لا يجب أن يستغل سياسيا، أو تكون وراءه أهداف انتخابية، بينما يحتاج بلد كتونس إلى استعادة عافيته التنموية، والاقتصادية. جبرون اعتبر أن المغرب له مقاربته الخاصة لمثل هذه المواضيع، إذ إن الشأن الديني يعتبر اختصاصا حصريا لإمارة المؤمنين، التي تحرص على حماية المشترك بين المغاربة، إلا أن هذا لا يعني إغلاق النقاش حول موضوع الإرث في المغرب، فالنقاش الفكري والثقافي نقاش صحي بالأساس، ويجب أن يستمر، يقول جبرون. وأضاف جبرون "إذا فتح نقاش واسع في المغرب بين أهل الاختصاص حول موضوع الإرث، وظهر أن المصلحة تقتضي مراجعته فيجب أن يراجع، أما قاعدة لا اجتهاد مع النص فلا أصل لها في الإسلام"، يقول جبرون، مشيرا إلى أن الاجتهاد يكون له معنى مع وجود النص، مذكرا باجتهاد الصحابة في عدد من القضايا مع وجود النص.