أبدى مجموعة من رؤساء الفرق البرلمانية في مجلس النواب تخوفاتهم من أن تفشل الجلسة الاستثنائية المرتقبة للغرفة الأولى بسبب حساسية ثلاثة ملفات: لقاحات بادو وخروقات «ليدك» وعدم استقبال الملك لجطو في الوقت الذي مازال الغموض يلف موعد عقد دورة استثنائية لمجلس النواب هذا الشهر بطلب من ثلث أعضائه، رفعت تحفظات برلمانية شديدة بشأن الصيغة التي سيتم اعتمادها خلال هذه الدورة التي ستعتبر أول جلسة برلمانية، بعد 50 سنة من الحياة النيابية بالمغرب، مخصصة لمناقشة ملفات الفساد التي أتى على ذكرها تقرير المجلس الأعلى للحسابات. مصادر برلمانية مطلعة كشفت أن رؤساء فرق، خلال اجتماعهم الأسبوع الماضي، أبدوا تحفظاتهم وتخوفات بشأن طريقة متحكم فيها لمناقشة بعض القضايا الحسّاسة سياسيا واقتصاديا التي سجل فيها المجلس الأعلى اختلالات عميقة، خصوصا فيما يتعلق بقضية وزيرة الصحة السابقة القيادية الاستقلالية ياسمينة بادو، وملف الشركة الفرنسية «ليديك». مصادرنا كشفت أن كبار نواب الفرق أبدوا تخوفاتهم من أن تتحول مناقشة ملف صفقة اللقاحات، التي تمت إحالتها بشكل تلقائي على القضاء، إلى مواجهة جديدة بين الغريمين البيجيدي والاستقلال، قد تفجر هذه الجلسة البرلمانية المرتقبة. ملف آخر يكتسي حساسية مفرطة هذه الأيام، حيث دعت أصوات بعض رؤساء الفرق البرلمانية إلى توخي الحذر بشأنه كي لا يتحول إلى رسالة سياسية من شأنها أن تضر بالمصالح المغربية، ويتعلق الأمر بمناقشة الخروقات التي أوردها المجلس الأعلى للحسابات بشأن الشركة الفرنسية، في إطار التدبير المفوض، «ليدك»، إذ سجل تقرير جطو عدم مطابقة بعض بنود عقد التدبير المفوض للقوانين والأنظمة المعمول بها، مؤكدا أن المقتضيات المالية بالعقد مجحفة في حق المشاريع والسلطة المفوضة، أي مجلس مدينة الدارالبيضاء. كما وقف التقرير على غياب مؤشر لتقييم استحقاق وملاءمة الأرباح الموزعة من طرف المفوض له، وزاد مفسرا «خلال الفترة الممتدة بين 2009 و2011، بلغ الهامش التجاري لليدك حوالي 1.6 مليار درهم، وناهز الفائض الخام للاستغلال نحو 470 مليون درهم، أما النتيجة المحاسبية المالية وغير الاعتيادية فتعرفان عجزا هيكليا مما جعل النتيجة الصافية لليدك ترسو حول 240 مليون درهم، أي نحو 15 في المئة من هامش الربح التجاري و51 في المئة من الفائض الخام للاستغلال». بعض رؤساء الفرق نبهوا إلى كون العلاقات السياسية المتوترة بين الرباط وباريس منذ أكثر من أسبوع لا تحتمل الدخول في موجة جديدة من الرسائل الاقتصادية، والتي من شأنها أن تؤثر على الروابط بين البلدين، موضحين أن تزامن مناقشة خروقات شركة فرنسية مع سوء الأوضاع السياسية سيفهم لدى باريس على أنه تلويح من الرباط بتهديد المصالح الاقتصادية الفرنسية. هذه التحفظات دفعت رؤساء الفرق إلى تفويض كريم غلاب، رئيس مجلس النواب، مهمة تقديم ورقة حول الصيغة المثلى لعقد جلسة هادئة لمناقشة ملفات الفساد الساخنة بعيدا عن الدخول في القضايا الحساسة والمفصلة حتى تتمكن عدسات قنوات الشركة الوطنية من نقل أطوارها. تحفظ آخر لاح في الأفق مهددا بنسف جلسة مناقشة ملفات الفساد ويتمثل في احترام التقاليد المرعية للقصر. ففي سابقة من نوعها، نشر إدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، تقريره السنوي دون أن يكون مسبوقا بمراسيم الاستقبال الملكي لتقديمه بشكل رسمي، كما كان يجري مع الرئيس السابق أحمد الميداوي. ورغم كشف مصادر عليمة بأن التقرير رُفع إلى الديوان الملكي قبل إحالته على رئيس مجلس النواب إلا أن عدم استقبال الملك لجطو ترك مجالا كبيرا للتأويل لدى رؤساء بعض الفرق الذين أبدوا تحفظاتهم على إدراج مناقشة تقرير مجلس الأعلى ضمن الدورة الاستثنائية قبل أن يحظى جطو باستقبال ملكي يقدم خلاله التقرير.