اعتبر مسؤولون قضائيون في مائدة مستديرة، صباح أمس السبت بطنجة، ضمن اللقاءات التحسيسية التي تنظمها المديرية الجهوية لوزارة الاتصال، حول "الملائمة القانونية للصحف الورقية والرقمية مع مستجدات مدونة الصحافة"، أن تكريس استقلالية السلطة القضائية من شأنه تعزيز الحماية للصحافيين، وتوسيع هامش حريات التعبير. وطمأن هشاك خرشاف نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بطنجة، الصحافيين الذين أبدوا تخوفهم من الهواتف الحمراء التي تؤثر على استقلالية القضاة، بأن استقلالية السلطة القضائية أصبحت معطى يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، وأن الهواتف الحمراء أصبحت جريمة، مستبعدا أن يفرط القضاة بمسألة تكريس استقلالية العدالة، بعد النضالات الطويلة التي قاموا بها خلال محطات عديدة. واعتبر المتحدث نفسه، أنه إلى الجانب الزجري في القانون الذي مر على دخوله إلى حيز الوجود 10 أشهر، ثمة تأكيد على حرية العمل الصحافي وحماية مصادر المعلومة، وغيرها من الضمانات التي تسمح للمهني مزاولة مهامه بكل أريحية. وشدد على أن التقيد بقواعد وضوابط المهنة صمام أمان، ومانع من السقوط في أية أفعال جرمية منصوص عليها في القانون. لكن هشام خرشاف نبه من جهة أخرى، إلى أن القضاء لن يستمر في التعامل بالمرونة مع وسائل الإعلام الرقمية التي لم تقم بتسوية وضعيتها القانونية، وملائتها على ضوء مستجدات مدونة الصحافة، إذ ستكون معرضة للحجب بناءا على مقررات قضائية. من جهته، بدد القاضي محمد المنصوري، رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب، في مداخلته مخاوف المهنيين من تقييد حرية العمل الصحافي والتضييق عليه في مدونة الصحافة والنشر. واعتبر أن القانون بسلبياته وإيجابيته أوكل مصير المنشور الصحفي إلى السلطة القضائية وحدها، ومنح الصلاحيات للقضاء يعكس مبدأ تكريس دولة المؤسسات والحقوق، وإيمان بدور السلطة القضائية في كفالة حقوق التعبير والحريات، وحماية لها من تعسف السلطة الإدارية. في الوقت الذي دافع القاضي المنصوري على وجود البنود الزجرية في القانون الجديد، وذلك حتى لا تسود الفوضى وتداخل الحريات، وحتى لا يصبح من هب ودب يتحدث باسم الإعلام والصحافة، يتهم هيئة ما وأشخاص دون شروط التقويم العلمي والأدبي. وأكد على أن المنطق الذي يحكم القضاة في التعامل مع قضايا جنح وجرائم النشر، يراعي إكراهات العمل الإعلامي، مشددا على أن القضاء لا يتربص الأخطاء وليس دوره الزجر وترتيب العقوبات، وإنما ميزان لتحقيق العدل وحفظ الحقوق وضمان الحريات. أما إبراهيم الشعبي، المدير الجهوي لوزارة الاتصال، فاعتبر أن مدونة الصحافة والنشر الجديدة، نالت تنويه منظمات دولية مثل "مراسلون بلا حدود"، والتي اعتبرتها عندما كانت في طور المشروع خطوة إيجابية ستساعد على تقوية الفضاء الإعلامي بمختلف إصداراته، لكونها جاءت بمستجدات متقدمة مثل غياب البنود السالبة للحرية، وعدم تطبييق الإكراه البدني في حال عجز المقاولة الصحافية عن أداء الغرامة المالية. ومن بين المستجدات المهمة، حسب ابراهيم الشعبي، عدم سريان أحكام القوانين الأخرى على كل ما ورد فيه نص صريح في مدونة الصحافة، فيما يتعلق بجنح وجرائم النشر، ولا يمكن للقاضي اللجوء إلى القانون الجنائي وقانون الإرهاب، وأيضا لا يمكن للغرامات الكبيرة أن تطبق إلا في حال ارتكاب أخطاء محصورة في القضايا الكبرى، مثل التأثير على مؤسسة الجيش، والتحريض على الكراهية والإرهاب والتمييز العنصري.