انتقلت الاحتجاجات ضد تغير مذاق مياه الشرب بابن جرير من العالم الافتراضي، على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى العالم الواقعي، فقد نظمت فعاليات جمعوية وسياسية، أول أمس الخميس، وقفة احتجاجية أمام مقر المركز المحلي للماء الصالح للشرب، تنديدا بالنبرة التصعيدية التي تعامل بها المسؤولون المحليون عن تدبير الشأن المحلي مع تخوفات السكان من عدم جودة الماء الشروب بالمدينة. المتظاهرون يؤكدون بأن مياه الشرب بابن جرير عرفت، خلال الشهور الأخيرة، تغيرا كبيرا على مستوى اللون والرائحة والطعم، متوجسين من أن يشكل ذلك خطرا على الساكنة المحلية، ولافتين إلى أن المدينة سبق لها أن عرفت حالات مماثلة لتردي جودة هذه المادة الحيوية، خاصة في سنتي 2005 و2012. في المقابل، أصدر رئيس المجلس البلدي بلاغا أكد فيه بأن التحليلات المخبرية اليومية التي يجريها المكتب الوطني الصالح للشرب، تثبت جودة مياه الشرب، مضيفا بأن المستشفى الإقليمي لم تستقبل أي حالة مرضية بسبب التلوث المزعوم للمياه، كما أن السلطة المحلية لم تتلق أي شكاية في الموضوع، معتبرا كل حديث عن عدم جودة هذه المياه مجرد إشاعات مغرضة، متوعدا أصحابها بالملاحقة القضائية. رد المحتجين لم يتأخر طويلا، فقد اعتبروا بأن تنصيب الرئيس نفسه ناطقا رسميا باسم السلطة المحلية ووزارة الصحة والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، وتجاوز اختصاصاته وصلاحياته القانونية، لا يخرج عن سياق ما سمّوه ب"فائض القوة" الذي يشعر به منتخبو الحزب المتحكم في المنطقة، و شيطنتهم للمخالفين لهم في الانتماء السياسي، مشيرين إلى أن من أوحى للرئيس بإصدار البلاغ كان حريا به أن يدعوه لعقد دورة استثنائية للمجلس البلدي، يكون جدول أعمالها متضمنا لنقطة فريدة حول ما يتداوله الرأي العام حول مياه الشرب، يدعو إليها، عن طريق السلم الإداري، المديرين الجهوي والإقليمي للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، من أجل تبديد مخاوف السكان والإفصاح عن الحقيقة بكل شفافية. كما اعتبروا تصريح الرئيس، في بلاغه، بأن صحة السكان خط أحمر لن يسمح لأي كان بالمساس بها، وتتناقض مع سياسة اللامبالاة وعدم الاكتراث التي يقولون بأن مجلسه يتعامل بها مع الوضعية الكارثية للمجزرة البلدية، والظروف غير الصحية التي تذبح فيها المواشي وتوزع بها اللحوم في المدينة. من جهته، اعتبر المدير الإقليمي للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، صلاح الحقاني، تغير مذاق مياه الشرب بابن جرير ظرفيا ومحدودا في الزمن، مرجعا إياه إلى الأشغال التي يقوم المكتب الوطني لإنتاج الطاقة الكهربائية بسد المسيرة، الذي تجلب منه مياه الشرب إلى ابن جرير وضواحيها منذ سنة 2011، موضحا بأن هذه الأشغال تتسبب في إثارة الأتربة من قعر السد وانبعاث روائحها بالمياه الموجهة للشرب، لافتا إلى أن المكتب بصدد الشروع في خطة بديلة تقضي بالتوقف عن جلب المياه بالتزامن مع عملية إنتاج الكهرباء، والاستعاضة عنها بتخزين الماء في الخزانات التي أكد بأنها تتسع ل5000 متر مكعب، وهي الكمية التي قال بأنها تكفي ساكنة ابن جرير وبعض مراكز الجماعات القروية المحيطة بها لمدة 24 ساعة. ونفى الحقاني بأن تكون القنوات المتقادمة أحد أسباب تغير طعم الماء، موضحا بأن أحياء إفريقيا والشعيبات والتقدم، التي يشعر سكانها بهذا التغير، كانت شهدت أشغال تجديد هذه القنوات، مشددا على أن إدارته تجري تحاليل يومية تؤكد جودة الماء الشروب بعاصمة الرحامنة، مضيفا بأن المكتب يمكن أن يعلن، في حالة وقوفه على أي تلوث محتمل، عن حالة استنفار وتشكيل خلية أزمة يوقف خلالها تزويد السكان بأي مياه ملوثة، واللجوء إلى مياه المناطق المجاورة.