بينما تعرف مدينة القصر الكبير تناميا مضطردا في السنوات الأخيرة، من حيث عدد المتعاطين للمخدرات الصلبة، وخاصة مادة "الهيروين"، التي يطلق عليها في مناطق الشمال "الغير الكحلة"، إذ تجاوز عدد متعاطيها 200 شخص، أغلبهم من الفئة العمرة التي تقل أعمارها عن 30 سنة، وهي الوضعية التي جعلت الجمعيات المهتمة تكثف من تدخلاتها في الآونة الأخيرة. وفي هذا السياق، دعا نائب وكيل الملك بالمحكمة الإبتدائية بالقصر الكبير، عماد جهاد، خلال مشاركته في ندوة ترافعية نظمتها "جمعية حسنونة"، يوم الجمعة الماضي، لإعادة المشرع المغربي النظر في القوانين التشريعية المتعلقة بمتعاطي ومدمني المخدرات، منبها إلى أن المؤسسات السجنية لا تلعب دورا فيالإدماج و لا تعطي أهمية لهذه الفئة، بسبب غياب أطباء مختصين بعلاج الإدمان داخل السجون. وقال عماد جهاد، في مداخلته بالندوة، إن المشرع المغربي مدعو إلىاعتماد مقاربة جديدة تراعي الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي دفعت هذه الفئة للسقوط في أتون الإدمان، وكذا انسجاما مع مبدأ مواكبة القواعد القانونية لتطور المجتمع و حاجياته، خلال إعداد النصوص القانونية التي تتضمن في موادها، أحكاما تتعلق بمتعاطي المخدرات. وشدد نائب وكيل الملك بابتدائي القصر الكبير، على ان المشرع المغربي يجب ان يغير نظرته لمتعاطي المخدرات، وذلك باعتباره مواطنا ضحية لظروف معينة، يجب مواكبته اجتماعيا ومتابعته بالخدمات العلاجية الصحية، وليس اعتباره مجرما يجب فقط معاقبته. وأشار في هذا الصدد إلى أن بعض النصوص القانونية أصبحت فارغة من محتواها، مثل المادة 8 من ظهير 1974، الذي يخير فيه القضاء المدمن ما بين العلاج و العقوبة السجنية، لكن عندما يختار المدمن العلاج يصطدم بغياب مراكز الاستشفائية، و بالتالي يصبح هذا التشريع خارج القانون. من جانبها، قالت فوزية بوالزيتون، المسؤولة عن مركز التكوين في مجال التقليص من مخاطر تعاطي المخدرات، "يبلغ عدد مستهلكي الهيروين بمدينة القصر الكبير أكثر من 200 شخصا، و 50 شخص بالعرائش، و 150 شخصا بأصيلة، أغلبهم شباب ويوجد بينهم بعض النساء، مضيفة بأن طرق الإدمان تختلف من متعاطي لآخر، بين من يتعاطى عن طريق الحقن و من يتعاطى عن طريق التدخين. وأكدت بوزيتون، أن هؤلاء المتعاطين يعانون من أمراض خطيرة، ابرزها مرض السيدا و التهاب الفيروس الكبدي و داء السل، داعية الدولة لوضع سياسة عمومية تتعلق بتقديم المساعدة و الدعم لهذه الفئة من اجل العلاج و الإندماج في المجتمع، بدل تركها عرضة للوصم و التمييز الاجتماعي، على الرغم من أنهم ضحايا عوامل اجتماعية واقتصادية تسببت في إدمانهم. وعرفت الندوة الترافعية التي نظمتها جمعية حسنونة لمساندة متعاطي مدمني المخدرات، بشراكة مع المجلس البلدي لمدينة القصر الكبير، مداخلة مصطفى الزباح النائب الأول لرئيس المجلس البلدي بالقصر الكبير ، الذي أكد انخراط الجماعة في مشاريع دعم هذه الفئة، وأيضا مداخلة الطبيب الجراح بالمستشفى الاقليمي بالقصر الكبير، حسن ساعف، الذي سلط الضوء على المخاطر الصحية لإدمان الهروين، والتي تؤدي في كثير من الحالات إلى الموت.