تعيين وزير الداخلية السابق، محمد حصّاد، على رأس قطاع يعاني من أزمة نجاعة عميقة ومصدر كثير من الشكوى والاستياء والانقسام حول الحلول، قد يؤشر على توجه النظام نحو ضبط أكبر لقطاع يعيش "فوضى" كبيرة، ويحتضن في كنفه حساسيات وأصوات معارضة. تثبيت وزير داخلية سابق مشبع بالخلفية الأمنية في قراءة وتدبير ملفات حسّاسة، في حجم ملفات الإرهاب، يعطي رسالة قوية لأطر وموظفي القطاع، مفادها، أن المرحلة القادمة قد تتميز بقدر غير مسبوق من الصرّامة سليلة المقاربة الأمنية العتيدة. ويبدو أن منتديات الأساتذة وموظفي قطاع التعليم على الانترنت، التقطت الرسالة التي حملها التعيين، وإن بسخرية ظاهرة، من إحدى تعبيراتها تبادل صور تظهر أساتذة في القسم وهم يرتدون أزياء القوات المساعدة والبوليس. لكن حتى قبل تعيين حصّاد، ظهرت بعض آثار المقاربة الأمنية في تدبير ملفات التعليم، خاصة في قطاع التربية الوطنية والتكوين المهني، الذي عاش على وقع احتاجات وتوترات حادة بفعل قرارات لا زالت دوافعها غامضة. من أبرز وآخر هذه القرارات كانت حملة الإعفاءات التي اعتبرت جماعة العدل والإحسان، أنها استهدفت أطرها بوزارة التربية الوطنية ضمن "حملة موجهة ضدها" طالت أطرها في قطاعات أخرى، ووصلت حصيلتها إلى 150 حالة، كان لقطاع التعليم النصيب الأكبر منها. في سياق مماثل، خلف "ترسيب" حوالي 150 أستاذاً متدرباً موجة غضب واحتجاج داخل التنسيقية الوطنية الأساتذة المتدربين، ولقيت التنسيقية مساندة مجموعة من نقابات التعليم. ومن المحتمل أن تكون وزارة التربية الوطنية، التي صار يرأسها وزير الداخلية السابق اليوم، تعاملت مع الأساتذة "المُرسّبين" على أساس انتمائهم السياسي والنقابي ودورهم في تأطير الاحتجاجات، وليس على أساس نتائجهم في الاختبارات والتي طالبت النقابات بكشفها. فهل يعني تعيين محمد حصّاد أن حملات إعفاءات جديدة وتوترات جديدة تلوح في الأفق؟ وأن الدولة جرّبت كافة الحلول لتنظيم مشاكل القطاع، ولم يبقى أمامها إلا الخيار الأمني الذي تعطي قرارات الإعفاء والترسيب الأخيرة لمحة أوليّة عنه؟