حمل تقرير اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق، مسؤولية تردي وضعية الصندوق المغربي للتقاعد، لعدة عوامل، أبرزها تمويل نظام المعاشات العسكرية من فائض نظام المعاشات المدنية طيلة أزيد من 11 سنة، وتراكم ديون الدولة لفائدة الصندوق، والعبء المالي لنظام المغادرة الطوعية، وغيرها. تقرير اللجنة التي شكلها مجلس المستشارين، يفيد بأن "الصندوق المغربي للتقاعد دأب على تغطية عجز نظام المعاشات العسكرية من فائض نظام المعاشات المدنية منذ 1993". وهو التاريخ الذي سجل فيه أول عجز لنظام المعاشات العسكرية. هذه الحقيقة، توصلت إليها اللجنة من خلال جلسات استماع لكل من مدير الصندوق الراحل محمد العلوي العبدلاوي، ووزير المالية محمد بوسعيد، وعدد من المسؤولين. هذا يعني أن الصندوق كان يأخذ الأموال من نظام المعاشات المدنية التي تخص الموظفين، ويمول بها عجز نظام تقاعد العسكريين، واستمر هذا الوضع طيلة 11 سنة، من 1993 إلى 2004، حسب تصريح محمد بندريس، المدير السابق للصندوق في جلسة استماع له في 2 نونبر 2016. المشكل أنه حتى بعد إعادة هيكلة الصندوق سنة 1996، سجل استمرار تسديد عجز نظام المعاشات العسكرية من فائض نظام المعاشات المدنية، في تعارض مع المادة 12 من قانون الصندوق 43.95، التي تنص على ضرورة الفصل بين حسابات الأنظمة. هذه الإشكالية "تمت إثارتها من طرف المجلس الأعلى للحسابات وكذا من طرف مكتب الدراسات MAZAR، وأيضا في تصريحات أغلب المسؤولين المستمع إليهم، وتثبت هذا الأمر الوثائق المحاسبية لهاته الأنظمة"، يفيد التقرير. لكن من الذي كان يصدر القرارات بأخذ أموال المعاشات المدنية لتسديد عجز المعاشات العسكرية؟ اللجنة سألت رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، فرد قائلا إنه لم يسبق له ولا لوزير المالية أن اتخذا قرارا مماثلا، وإنه "لو أن الأمر عرض عليه لم يكن ليخالف القانون". لكنه أضاف أنه كان سيسعى بالمقابل لتعديل المقتضيات القانونية في هذا الشأن، بما يتيح إمكانية الاستمرار في منح هذه التسبيقات لنظام المعاشات العسكرية". بنكيران قال للجنة في جلسة استماع في 21 دجنبر 2016، إن "الجيش من اختصاص جلالة الملك أولا وقبل كل شيء"، وإنه "لم يتم تحويل أي مبلغ بعد سنة 2009 من المعاشات المدنية إلى المعاشات العسكرية". من جهته، أفاد وزير المالية بوسعيد أن "عجز نظام المعاشات العسكرية أصبح يؤدى من ميزانية الدولة مباشرة ولم تعد هناك تسبيقات"، كما أكد أنه "لا يعلم من اتخذ القرار بخصوص تلك التسبيقات مع العلم أن القانون رقم 43.95 واضح". وحسب إفادة محمد بندريس، مدير الصندوق السابق، فإن "الدولة دأبت على صرف فائض نظام المعاشات المدنية في أداء عجز معاشات النظام العسكري والزمانة والمقاومة والعديد من الأنظمة الاستثنائية التي كان يجدب أداؤها من ميزانية الدولة وليس من فائض المعاشات المدنية". السؤال الذي يطرح هو ما حجم المبالغ التي تم تحويلها للمعاشات العسكرية؟ هناك رقمان وردا في التقرير، الأول ورد على لسان نوفل الخطيب، ممثل مكتب الخبرة MAZAR، يشير إلى أنه تم إلى حدود سنة 2007، تحويل 2 مليار درهم لنظام المعاشات العسكرية، مثيرا إشكالية "عدم اعتبار هذه المبالغ كديون على نظام المعاشات العسكرية تترتب عليها فوائد، وإنما كتسبيقات تسددها الدولة فيما بعد". أما الرقم الثاني، فورد على لسان التهامي البركي، المدير السابق للتأمينات والاحتياط الاجتماعي بوزارة المالية، والذي كشف أن "هذه التسبيقات وصلت إلى 5 ملايير درهم تم استردادها سنة 2005".