أظهرت نتائج المؤشر العربي عن تقييم سلبي وسط الرأي العام المغربي للوضع الاقتصادي، إذ كشفت النتائج أن 52 في المائة يرون أنه سيء إلى سيء جدا، وذلك مقابل 44 في المائة فقط يرون أن الوضع جيد وجيد جدا، وهي نتائج متقاربة مقارنة مع تقييم الرأي العام العربي للوضع في المنطقة، حيث عبّر 57 في المائة من المستجوبين عن تقييم سيء، مقابل 41 في المائة قالوا إنه جيد. جاء ذلك في نتائج استطلاع المؤشر العربي لسنة 2016، أعلن عنها أمس بالدوحة من قبل المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، نفذه في 12 بلدا عربيا، من بينها المغرب. وأجري الاستطلاع، الذي شمل 18310 شخص عبر مقابلات شخصية ضمن عيّنات ممثلة للبلدان المعنية، بين شهري شتنبر ودجنبر 2016. وعبّر غالبية الرأي العام العربي عن أن أولوياتهم بالأساس هي أولويات اقتصادية (بطالة، فقر، وارتفاع الأسعار) بنسبة 44 في المائة، وذلك مقابل 18 في المائة فقط قالوا إن أولوياتهم مرتبطة بقضايا الأمن والاستقرار السياسي. في حين عبّر 20 في المائة عن أن أولوياتهم مرتبطة بأداء الحكومات، وبالتحول الديمقراطي، وضعف الخدمات العامة، والفساد الإداري والمالي. ونتيجة لذلك، عبّر 24 في المائة من المستجوبين عن رغبتهم في الهجرة من أجل تحسين وضعهم الاقتصادي. الحاجة إلى الديمقراطية شكلت أيضا مطلبا ملحا كما عبّرت عن ذلك نتائج الاستطلاع، حيث إن 77 في المائة من الرأي العام العربي عبّر عن أن النظام الديمقراطي هو النظام الأفضل لبلدانهم. وحاول التقرير معرفة تقييم الرأي العام العربي لمستوى الديمقراطية، من خلال معيار قدرة المواطنين على انتقاد الحكومة من دون خوف، حيث كشف أن 39 في المائة من المواطنين لا يستطيعون انتقاد حكوماتهم من دون خوف. وتبيّن أن النتائج متباينة من بلد إلى آخر، ففي حالة المغرب، عبر 68 في المائة أنهم ينتقدون الحكومة من دون خوف، لكن هذه النسبة تنخفض كثيرا في بلدان مثل مصر، حيث عبّر 41 في المائة فقط عن إمكانية انتقاد الحكومة بدون خوف، وفي السودان كذلك حيث انخفضت النسبة إلى 29 في المائة. وحول دور الدين في الحياة السياسية والعامة، أوضح المؤشر أن هناك انقساما بين ثلاث كتل: أفادت أكبرها بنسبة 65 في المائة أنها متدينة إلى حد ما، مقابل 20 في المائة قالوا إنهم متدينون جدا، و11 في المائة قالوا إنهم غير متدينين. لكن المؤشر أظهر كذلك أن أغلبية الرأي العام يرفض تكفير المنتمين لأديان أخرى، أو أولئك الذين لهم تفسير مختلف للدين. وكشف أن الرأي العام المغربي مثلا يرفض تكفير من يعتنق دينا آخر بنسبة 71 في المائة، مقابل 14 في المائة يقولون بخلاف ذلك. كما عبّر 69 في المائة من المغاربة عن رفضهم استعمال الحكومة للدين من أجل الحصول على تأييد الناس لسياساتها، مقابل 16 في المائة يؤيدون ذلك. المؤشر السنوي لهذا العام تضمن تقييما للموقف من تنظيم "داعش" وسط الرأي العام العربي، وأفاد أن نسبة المغاربة مثلا الذين يتابعون تطورات هذا التنظيم من خلال وسائل الإعلام، تبلغ 32 في المائة، منهم 6 في المائة يتابعون التنظيم بشكل يومي ودائم، وذلك مقابل 65 في المائة قالوا إنهم لا يتابعون تطورات التنظيم مطلقا أو بشكل نادر. وتعاكس هذه النسب على مستوى الرأي العام المغربي ما هو سائد وسط الرأي العام العربي، حيث أظهر المؤشر أن 66 في المائة من سكان المنطقة يتابعون بدرجات متفاوتة تطورات هذا التنظيم، مقابل 33 في المائة قالوا إنهم لا يتابعونه. وتبيّن نتائج المؤشر أن الأغلبية يتابعون تطورات التنظيم عبر التلفزيون بنسبة 75 في المائة، بينما يأتي الأنترنيت في مرتبة ثانية بنسبة 13 في المائة. لكن تتبع تطورات التنظيم الإرهابي لا تعني تأييده، فقد عبّر الرأي العام العربي بنسبة 89% عن موقف مناهض ل"داعش"، مقابل 5 في المائة فقط أكدوا أن لديهم نظرة إيجابية أو إيجابية جدا. والمثير في نتائج المؤشر كذلك أن نسبة الذين يؤيدون داعش وسط المتدينين جدا تطابق تقريبا نسبة المؤيدين لهذا التنظيم وسط غير المتدينين، ما يعني أن الموقف ليس دينيا بل هو سياسي مرتبط بأوضاع المنطقة. وحول الأسباب التي أدت إلى ظهور تنظيم داعش، هل "هو نتاج سياسات الأنظمة العربية أم نتاج التعصب والتطرف في المجتمعات"، أجاب 39 في المائة من المواطنين المغاربة أن السبب يكمن في وجود التطرف والتعصب الديني في مجتمعات المنطقة، مقابل 24 في المائة قالوا إن داعش نتيجة لسياسات الأنظمة. وهو نفس الرأي تقريبا على مستوى المنطقة، حيث عبّر 43 في المائة من الرأي العام العربي عن أن داعش هي نتاج للتعصب والتطرف مقابل 35 في المائة قالوا إنها نتاج لسياسات الأنظمة العربية. وبخصوص الإجراءات التي يجب اتخاذها من أجل القضاء على الإرهاب عامة، وعلى تنظيم داعش خاصة، رجّح نحو 17 في المائة العمل العسكري، في حين أفاد 14% أن الحل يكمن في دعم التحول الديمقراطي في البلدان العربية، كما اعتبرت نسبة 14%، أنّ حلّ القضية الفلسطينية هو أهم إجراء يجب اتخاذه من أجل القضاء على الإرهاب. واعتبر معدّو التقرير أن عدم التوافق على رأي غالب يشير إلى "فهم مركب للظاهرة"، وأنها "تحتاج إلى إجراءات سياسية وتحولات نحو الديمقراطية وحل أزمات المنطقة، إضافة إلى الجهد العسكري". وحول الموقف من ثورات الربيع العربي، لا زال أغلبية المواطنين المغاربة ينظرون إليها بإيجابية بنسبة 51 في المائة، مقابل 29 في المائة قالوا إنها كانت سلبية إلى سلبية جدا. وأظهر المؤشر العربي أن الرأي العام المغربي يتقاسم الموقف نفسه مع الرأي العام العربي، حيث عبّرت أغلبية السكان بنسبة 51 في المائة كذلك عن موقف إيجابي من الثورات، مقابل 41 في المائة قالوا إنها كانت سلبية إلى سلبية جدا. وحول الأسباب التي أدت إلى اندلاع تلك الثورات سنة 2011، يرى غالبية الرأي العام العربي أن دوافع المحتجين كانت ضد الاستبداد والظلم، ومن أجل الديمقراطية والمساواة بنسبة 42 في المائة، وضد الفساد بنسبة 25 في المائة، مقابل 3 في المائة فقط قالوا إن الثورات كانت مؤامرة، وإن التخطيط لها تم من الخارج. وحول واقع تلك الثورات اليوم بعد ست سنوات على اندلاعها، يبدو التقييم متباينا إلى درجة الانقسام وسط الرأي العام العربي، حيث عبّر 45 في المائة عن أن الربيع العربي قائم ومستمر إلا أنه يمر بمرحلة تعثر، وسيحقق أهدافه في النهاية، مقابل 39 في المائة يرون أنّ الربيع العربي قد انتهى، وأن الأنظمة السابقة قد عادت إلى الحكم. وعبّر مواطنو المنطقة العربية عن انقسام مماثل حول تزايد نفوذ الأحزاب السياسية الإسلامية، بين 52 في المائة أفادوا أن لديهم مخاوف محدودة أو كبيرة، مقابل 42 في المائة فقط قالوا إنه ليست لديهم أية مخاوف منها. وكذلك الأمر بالنسبة للموقف من الأحزاب العلمانية، حيث أفادت نسبة 59 في المائة أن لديهم مخاوف، مقابل 33 في المائة قالوا إنه ليست لديهم أية مخاوف منها. وقال معدو التقرير إن وجود مخاوف من الحركات الإسلامية والعلمانية على السواء، "يعبّر عن أن حالة الانقسام والاستقطاب في الرأي العام العربي قد أدت إلى رأي عام متحفظ تجاه كلا الطرفين". وعليه فإن "عدم التوافق بين هذه الحركات من ناحية، وعدم قدرتها على تبديد مخاوف المواطنين من ناحية ثانية، سيشكل عائقا أمام التحول الديمقراطي، ويفسح المجال لأجهزة ومؤسسات غير ديمقراطية لاستغلال هذه المخاوف والاتجاه نحو السلطوية".