عشية عودة الملك محمد السادس من جولته الإفريقية، شرع الائتلاف الحزبي الذي يكفله عزيز أخنوش، رئيس حزب الأحرار، في حملة ضغط منظمة تستهدف رأس عبدالإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين، إذ تحمّله مسؤولية خمسة أشهر من البلوكاج في تشكيل الحكومة. وكان عبدالإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين، قد أعلن قبل أزيد من أسبوعين بأنه ينتظر عودة جلالة الملك، "وحينها إما أن تكون لي حكومة لأرفعها إليه، أو لا تكون لأقولها له أيضا". لذلك، وفي توقيت متزامن تقريبا، خرج كل من إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، في ندوة صحافية أول أمس بمقر حزبه بالرباط، للقول: "إننا إزاء واقع سياسي يعد السيد بنكيران المسؤول الوحيد عنه"، بسبب "أخطاء قاتلة منها الخلط بين المؤسسة الحزبية ومؤسسة رئاسة الحكومة، ولأنه يبخّس الفرقاء السياسيين، وشركاءه في الحكومة المقبلة، ولأنه يجري مفاوضات بأسلوب النكتة المسيئة للآخرين، والسخرية منهم". واعتبر لشكر أن "هذا المسار بلغ حدا لا يطاق". باللغة نفسها تحدث حزب الاتحاد الدستوري، الذي أذاع بلاغا منفردا، يؤكد فيه أن "مسؤولية تعثر تشكيل الحكومة تقع كاملة على السيد رئيس الحكومة المكلف، ونعتقد أن هذا التعثر ناتج بالدرجة الأولى عن طبيعة تعامله، مع هذه المهمة الدستورية، الموسومة بغياب عناصر المنهجية التفاوضية العقلانية". وهي عناصر- يضيف البلاغ، "غابت حينما أصر السيد رئيس الحكومة على أن يجعل من مهمته منتسبة إلى حزب العدالة والتنمية، عوض أن تكون مهمة منتسبة إلى مؤسسة دستورية في طور التشكل، والتي هي رئاسة الحكومة". ولم يصدر أي بلاغ عن حزب الحركة الشعبية، فيما دعا عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عبر إعلان نشره على موقعه الإلكتروني، أعضاء المكتب السياسي إلى ما وصفه ب"اجتماع هام" يتوقع أن يكون عقد أمس الخميس. وروّجت وسائل إعلام محسوبة على الجهات نفسها، الترويج للمواقف نفسها التي عبّر عنها لشكر وبلاغ الاتحاد الدستوري. وتحدث امحند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، بلغة قريبة إلى المواقف نفسها، التي عبّر عنها إدريس لشكر وبلاغ الاتحاد الدستوري، وقال ل"أخبار اليوم" إن مسار تشكيل الحكومة "بلغ مرحلة لا يمكن معها أن تستمر دون حل"، وأضاف أن "السيد بنكيران أمام خيارين: إما إيجاد مخرج لهذه الوضعية بإيجاد حكومة اعتمادا على المعطيات المتوفرة أمامه، أو الرجوع إلى جلالة الملك لإخباره أنه غير قادر على ذلك". وأكد العنصر أن حزبه متشبث بالاتحاد الاشتراكي ضمن الأغلبية الحكومية "لسببين: الأول حاجتنا إلى أغلبية مريحة، وثانيا لأنه حزب يترأس مجلس النواب، ومن الصعب عدم القبول به في الأغلبية الحكومية". وقال مصدر مسؤول في قيادة حزب العدالة والتنمية إن "التحرك الجماعي" للأحزاب الأربعة "يعد بمثابة الرصاصة الأخيرة". وأضاف أن "بنكيران لن يرد على لشكر أو الاتحاد الدستوري، لأنهما غير معنيين بتشكيل الحكومة". ونبّه المصدر نفسه إلى أن الخروج الإعلامي لإدريس لشكر في ندوة صحافية له خلفية أخرى، تتمثل في انزعاجه الشديد من وصف أخنوش ب"الكفيل" لحزب الاتحاديين. وكشف المصدر عن معطيات جديدة في مسار تشكيل الحكومة، منها أن عزيز أخنوش "كان أول من طرح إمكانية العودة إلى الأغلبية الحكومية السابقة، وذلك في ثاني لقاء بينه وبين بنكيران، حيث تحفظ بذلك على حزب الاستقلال. ولم يطرح اسم الاتحاد الاشتراكي إلا بعد مؤتمر كوب 22، وكان ذلك عرضا. لكن بعد تصريحات حميد شباط حول موريتانيا، طرح أخنوش اسم الاتحاد بقوة في اللقاءات الخاصة مع رئيس الحكومة، ثم طرحه بعد ذلك في الإعلام وللرأي العام". وكانت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية قد جددت التأكيد على حصر تشكيل الحكومة في الأغلبية السابقة، وشددت على نقطتين: الأولى أن الحاجة للتعجيل بتشكيل الحكومة لا ينبغي أن تكون على حساب مصداقية الحياة السياسية والحزبية، والثانية أن "الأخ رئيس الحكومة المعين هو المخول أولا وأخيرا بتشكيل الحكومة وتحديد الأحزاب التي ستشكل الأغلبية الحكومية. وهي المواقف التي حسمت كل حديث عن "وجود خلافات" مع بنكيران داخل الأمانة العامة حول إبعاد الاتحاد الاشتراكي من تشكيل الحكومة، الأمر الذي أغضب، فيما يبدو، معسكر أخنوش.