صادق المجلس العلمي الأعلى على منشورات والي بنك المغرب، التي تضمنت المواصفات التقنية الخاصة بمنتجات التمويل الإسلامي، مثل المشاركة والمرابحة والإجارة، في خطوة حاسمة نحو إخراج البنوك "الإسلامية" إلى حيز العمل. وجاء قرار مجلس العلماء كما أعدته اللجنة الشرعية المختصة في المالية الإسلامية وصادقت عليه بالإجماع، داعما للشروط والمواصفات التي حددها والي بنك للمنتوجات البديلة، واعتبر أنها موصفات تتوافق "مع أحكام الشرع، وليس فيها ما يخالفها". وكان والي بنك المغرب قد وجّه رسالة في 15 يونيو 2016، إلى الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، محمد يسف، يطلب فيها رأي المجلس بشأن مدى مطابقة المواصفات التقنية الخاصة بالمعاملات البنكية الجديدة والشريعة الإسلامية، وعلى نحو خاص المعاملات المتمثلة في المشاركة والمرابحة والمضاربة والسلم والإجارة، التي تعتبر من بين المعاملات المالية التي يتعامل بها البنك الإسلامي مع الزبون. وخلت النصوص التطبيقية التي وقعها والي بنك المغرب ونشرت في الجريدة الرسمية من منتوج سادس جرى الحديث عنه من قبل، المسمى ب"الاستصناع"، ويخص القطاع الصناعي، دون أن تتضمن منشورات الجواهري أو رأي المجلس العلمي أية إشارة إلى سبب حجبه. وجاء في قرار رأي المجلس العلمي أن اللجنة الشرعية للمالية التشاركية، "من خلال فحصها" لمضامين النصوص التطبيقية، كما وقع عليها والي بنك المغرب، وذلك على ضوء أصول الفقه الإسلامي وقواعده، والتي ستنظم كيفية تعامل البنوك الإسلامية بهذه المنتوجات مع زبنائها، رأت أنها "مطابقة لأحكام الشريعة الإسلامية". وبرّر مجلس العلماء قراره بأن منشورات الجواهري لا تتضمن أي "صيغة للإجبار والإذعان بين البنك والعميل" (أي الزبون)، ويعتمد مبدأ "التعاقد" بين البنك والزبون، على أن يكون العقد "خاليا من الغبن والتحايل كالعينة والتورق الممنوع، وغير ذلك من مبطلات العقود شرعا". وبناء عليه، اعتبرت اللجنة أن ما ورد في منشور الجواهري بشأن المواصفات التقنية للمنتجات الخمسة "مطابق لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وليس فيه ما يخالف هذه الأحكام، استنادا للأدلة الشرعية، والاجتهادات الفقهية المعتبرة". الجواهري توصل كذلك برأيين آخرين للجنة الشرعية للمالية التشاركية التي يترأسها الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، محمد يسف، الأول يتعلق بالمصادقة على مطابقة "شروط وكيفيات تلقي وتوظيف الودائع الاستثمارية" من قبل البنوك الإسلامية، مثل ضوابط توزيع الأرباح المحققة، وكيفية خصم تكاليف عملية الاستثمار، وكيفيات تحمل الخسائر التي قد تنتج عن توظيف مؤسسة بنكية لودائع زبنائها، حيث تنص قواعد الفقه الإسلامي على تحمل الخسائر بالتساوي، واعتبر المجلس العلمي الأعلى أن مضامين منشور بنك المغرب جاء مطابقا للشريعة الإسلامية كذلك. ويتعلق القرار الثالث برأي المجلس العلمي الأعلى في فتح بنوك تقليدية لنوافذ خاصة بالمعاملات الإسلامية، وأكد المجلس أن هذه النوافذ يجب أن تكون مستقلة عن البنوك، وأن تعمل بكيفية مستقلة عن باقي أنشطة البنك، وترصد لذلك الموارد المالية والبشرية والتقنية خاصة، وألا تزاول النافذة المعنية أي نشاط أو عملية تندرج ضمن النشاط البنكي التشاركي إلا بعد التصريح بمطابقتها لأحكام الشريعة الإسلامية، كما شدد قرار المجلس على أن يتقيد البنك المعني الذي يقدم على فتح نافذة للمعاملات الإسلامية، "بالتقيد بالآراء الصادرة عن المجلس العلمي الأعلى"، وأن يكون لهذه النافذة هوية بصرية مختلفة عن الهوية البصرية للبنك المعني. وبهذه الشروط المشددة، وافق مجلس العلماء على منشور الجواهري، واعتبره بدوره مطابقا لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها.