أجواء عاصفية عرفتها الدورة الأخيرة لبرلمان حزب الاستقلال بين حميد شباط، الأمين العام للحزب، من جهة، وياسمينة بادو، وكريم غلاب من جهة ثانية. في بداية اللقاء، الذي خصص للنظر في الملتمس، الذي تقدم به كريم غلاب، وياسمينة بادو من أجل إلغاء قرار اللجنة الوطنية للتأديب والتحكيم، القاضي بإيقافهما لمدة 18 شهرا، حرص حميد شباط على تناول الكلمة، وبعدما دعا أعضاء المجلس إلى قراءة الفاتحة ترحما على الراحل امحمد بوستة، اعتبر أن حزب الاستقلال مستهدف بسبب حرصه على صيانة استقلال قراره الداخلي، موضحا أن مؤسسات الحزب تكفل الحق للجميع، وأن بادو، وغلاب سيحظيان بمحاكمة عادلة. احتجاجات غلاب مباشرة بعد نهاية كلمة شباط، صعد إلى المنصة عبد الله البقالي، الذي تم انتدابه لتسيير اللقاء. البقالي، أوضح للمشاركين في الدورة أنه سيمنح الكلمة أولا للجنة التأديب والتحكيم، تليها مرافعة المتهمين في حدود 10 دقائق لكل منهما، وتعقيب الأمين العام، حميد شباط، قبل اتخاذ المجلس الوطني القرار المناسب في حق المتهمين. كريم غلاب، الذي تناول الكلمة مباشرة بعد تلاوة تقرير لجنة التأديب والتحكيم، احتج بشدة على عبد الله البقالي، وطالب بضرورة منحهما 15 دقيقة، على أن يتم منحهما الكلمة الأخيرة، أيضا، بدل منحها لشباط، باعتبارهما متهمين، مع ضرورة منح شباط المدة الزمنية نفسها، التي خصصت لهما. وبعد شد وجذب بين البقالي، وغلاب، تم الاتفاق على أن تكون الكلمة الأخيرة لبادو، وغلاب في حدود 5 دقائق، دون أن يتم تحديد سقف زمني لكلمة شباط. غلاب وبادو يترافعان دافع كريم غلاب، وياسمينة بادو عضوا اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، اللذان تم توقيفهما لمدة 18 شهراً من طرف لجنة التحكيم، التابعة للحزب عن تصريحاتهما ضد حميد شباط، الأمين العام للحزب. وخاطب كريم غلاب أعضاء المجلس الوطني لحزب "الميزان": "لماذا تتم محاكمتي؟ هل أحاكم فقط لأنني قلت إن موريتانيا ليست مغربية؟" معتبراً تصريحات شباط "خاطئة وغير مسؤولة"، داعياً في الوقت ذاته، المجلس الوطني إلى إلغاء قرار التوقيف. واعتبر غلاب أن شباط لا يحق له إحالة أعضاء اللجنة التنفيذية على لجنة التأديب والتحكيم، بعدما فوض صلاحياته للبقالي، ومضيان والكيحل، أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب. من جهتها، ألقت ياسمينة بادو خطاباً عاطفياً، وقالت إنها كانت تلعب في ساحة مقر حزب الاستقلال، وهي طفلة لا يتجاوز عمرها الخمس سنوات، معتبرة تصريحات شباط "تسيء إلى حزب الاستقلال". وذكرت ياسمينة بادو أعضاء المجلس الوطني بمسيرتها النضالية داخل الحزب، وقالت إنها كانت دائما إلى جانب القواعد، وتحب الاستقلاليين، وهم يحبونها أيضا. كلمة بادو ووجهت باستهجان من طرف بعض الاستقلاليات، من بينهم زوجة حميد شباط، ما أخرجها عن صوابها لتقول لها "سكتي أديك الخيبة"، قبل أن تنهي كلمتها. شباط يوجه اتهامات بالجملة لم يتردد حميد شباط خلال تعقيبه على مرافعتي ياسمينة بادو، وكريم غلاب بتوجيه اتهامات ثقيلة إليهما بدءا من الانخراط في مؤامرة خارجية ضد الحزب، واستهدافه، وصولا إلى تسريب أخبار اجتماعات اللجنة التنفيذية لحزب الأصالة والمعاصرة. وقال شباط "ميمكنش نقبلو وحدين يكونو معانا في اللجنة التنفيذية وتلفونهم شاعل ورابطين الاتصال مع قيادات التراكتور". كلمة شباط أثارت حفيظة ياسمينة بادو، التي احتجت عليه، قبل أن يجيبها بلغة لا تخلو من تهديد "أنت وصفتني بالإرهاب كن ما كنت أمين عام نوريك الخدمة كيدايرة"، يقول شباط متهما بادو، وغلاب بالتبعية لما وصفها بالجهات المعلومة. شباط يحدث المفاجأة بعد إلقاء كل من ياسمينة بادو، وكريم غلاب لكلمتهما الأخيرة، وبينما كان الجميع ينتظر من رئيس الجلسة عبد الله البقالي، فتح المجال للنقاش أمام أعضاء المجلس الوطني من أجل اتخاذ القرار المناسب في حقهما، فاجأ حميد شباط الجميع بتناول الكلمة، ودعا المجلس الوطني إلى تخفيض عقوبتهما من 18 شهرا إلى 9 أشهر، وهو ما قوبل بالتصفيق، وتلاوة نشيد الحزب. واعتبرت ياسمينة بادو في تصريح للصحافة أن ما قام به شباط مهزلة ومسرحية، خصوصا أنهم اتفقوا على أن يكون التصويت سريا، متوعدة باللجوء مرة أخرى إلى القضاء. من جهته، قال كريم غلاب إنه وياسمينة بادو سيدشنان معركة قانونية ضد شباط لإلغاء قرار توقيفهما، وأن ذلك سيكون مقدمة للإطاحة به في المؤتمر 17 للحزب، الذي يرتقب أن يتم عقده في نهاية مارس الجاري.