في خطوة خطيرة، وبتزامن مع المعارك السياسية التي يخوضها المغرب في قلب إفريقيا وأروقة الاتحاد الأوروبي، كان المعارضون لموقف المغرب من الصحراء باليسار الجذري في إسبانيا، يحضرون لإحراج الحكومة المركزية بمدريد من خلال مطالبتها بالاعتراف بجبهة البوليساريو وإقامة علاقات ثنائية معها، غير أن الحزب الشعبي الحاكم بقيادة ماريانو راخوي أجهض هذا المخطط الذي كان من شأنه أن يعصف بالعلاقات الجيدة التي تجمع بين البلدين. في هذا الصدد، رفض مجلس الشيوخ الإسباني، يوم أول أمس الأربعاء، مقترحا تقدم به الحزب اليساري الجمهوري الكتالوني، يحث فيه الحكومة اليمنية بالاعتراف بالجمهورية الوهمية كدولة لها سيادتها. وبعد مناقشة المقترح من قبل اللجنة الخارجية في مجلس الشيوخ، تم التصويت عليه، حيث عارضه الحزب الشعبي الذي يتوفر على الأغلبية في المجلس، فيما صوت لصالحه كل من الحزب اليساري الجمهوري الكتالوني والحزب القومي الباسكي و"بوديموس"، فيما امتنع الحزب الاشتراكي عن التصويت وبعض التشكيلات الأخرى. خطورة المقترح تتجسد في كونه لم يحث فقط على الاعتراف بالبوليساريو، بل، أيضا، على إقامة علاقات ثنائية معه، ومنح منح للطلبة الصحراويين للدراسة في الجزيرة الإيبيرية، وتنظيم الاستفتاء بخصوص ما سموه "تقرير مصير الصحراء الغربية". بيرنابي لوبيث غارسيا، الباحث الإسباني المختص في الشأن المغربي، كشف ل"أخبار اليوم" أن المقترح ليس لديه أي أهمية على المدى القصير، لأن بوديموس ليس لديه ذلك الوزن السياسي الكبير لفرض المقترح، وأنه بعيد عن الوصول إلى السلطة، معتبرا ذلك محاولة ديماغوجية من هذه الأحزاب اليسارية لاستمالة القطاعات الأكثر راديكالية في قواعدها. المستشارة البرلمانية، لاورا بيرخا، عن الحزب الاشتراكي الإسباني، اعتبرت أن مقترح الاعتراف بالبوليساريو هو "خطوة خاطئة"، نظرا لأن الأممالمتحدة لا تعترف بسيادة الجبهة على الصحراء، مضيفة "أنه يتوجب علينا توجيه كل مجهوداتنا لتنظيم استفتاء عبره يمكن لصحراويين تقرير مستقبلهم". في المقابل، أشار بيرنابي لوبيث إلى أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، يبقى هو الخيار الأفضل، لكن "شريطة أن يحترم المغرب الديمقراطية ويسمح بزيارة النشطاء الحقوقيين والسياسيين للصحراء دون عراقيل كما يحدث الآن" على حد تعبيره قبل أن يضيف، أن المغرب يجب أن يدخل في "حوار بناء مع شركائه الأوروبيين بخصوص نزاع الصحراء وليس على ما سماه "ابتزاز المغرب لأوروبا بإغراقها بالمهاجرين". على صعيد متصل، أكد مصطفى ناعيمي، عضو الكوركاس، ل"أخبار اليوم"، أن "المغرب لا يمثل قوى إقناعية بالمعنى الكامل للكلمة"، لأنه "إذ أراد أن يكون قوة إقناعية يجب عليه الإيمان بالحكم الذاتي كحل، ويجب أن يطبق قولا وفعلا"، معتبرا أن مقترح الاعتراف بالبوليساريو الذي تم رفضه في مجلس المستشارين الإسباني، هو "رد فعل عن غياب القوة الإقناعية لدى المغرب في الداخل والخارج"، وأن "الدولة تتصرف بطريقة أحادية"، لأن "قضية الصحراء مغلقة نهائيا ويتصرف فيها أصحاب القرار، في غياب تام للمجتمع المدني". وأشار أن المغرب يفتقد إلى المصداقية لإيقاع الرأي العام الإسباني، على عكس جبهة البوليساريو، مبينا أن ما حدث مؤخرا في الريف يزكي هذا الذي يسميه "غياب قوى الإقناع". بدوره، اعترف بيرنابي لوبيث أن الدبلوماسية المغربية فشلت في السنوات الأخيرة في إقناع الرأي العام الإسباني بأطروحتها. وأضاف أن الدبلوماسية المغربية في إسبانيا في عهد السفير الحالي فاضل بنيعيش والسابق أحمد ولد سوليم، تراجعت وغابت كليا عن المستوى السياسي والاجتماعي بإسبانيا، موضحا أنها قد تكن ناجعة على مستوى الاقتصادي، لكنها فاشلة في إقناع الرأي العام؛ قبل أن يشير إلى أنه في فترة السفير والمستشار الملكي حاليا، عمر عزيمان، كان المغرب نشيطا وفعالا وقريبا من الرأي العام الإسباني.